responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 282
وَالْأَوْلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ، وَمِنْهُمْ كَافِرٌ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَحْذُوفِ قَوْلُهُ: وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ الْخَتْرُ: أَسْوَأُ الْغَدْرِ وَأَقْبَحُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:
بِالْأَبْلَقِ الْفَرْدِ مِنْ تَيْمَاءَ مَنْزِلُهُ ... حِصْنٌ حَصِينٌ وَجَارٌ غَيْرُ خَتَّارِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْخَتْرُ: الْغَدْرُ، يُقَالُ خَتَرَهُ فَهُوَ خَتَّارٌ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إِنَّهُ الْجَاحِدُ، وَجَحْدُ الْآيَاتِ: إِنْكَارُهَا، وَالْكَفُورُ: عَظِيمُ الْكُفْرِ بِنِعَمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ أَيْ: لَا يُغْنِي الْوَالِدُ عَنْ وَلَدِهِ شَيْئًا، وَلَا يَنْفَعُهُ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ النَّفْعِ لِاشْتِغَالِهِ بِنَفْسِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مَعْنَاهُ فِي الْبَقَرَةِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً ذَكَرَ سُبْحَانَهُ فَرْدَيْنِ مِنَ الْقَرَابَاتِ، وَهُوَ الْوَالِدُ، وَالْوَلَدُ، وَهُمَا الْغَايَةُ فِي الْحُنُوِّ وَالشَّفَقَةِ عَلَى بَعْضِهِمُ الْبَعْضُ، فَمَا عَدَاهُمَا مِنَ الْقَرَابَاتِ لَا يَجْزِي بِالْأَوْلَى، فَكَيْفَ بِالْأَجَانِبِ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ لَا يَرْجُو سِوَاكَ، وَلَا يُعَوِّلُ عَلَى غَيْرِكَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ لَا يَتَخَلَّفُ فَمَا وَعَدَ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ وَأَوْعَدَ بِهِ مِنَ الشَّرِّ، فَهُوَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَزَخَارِفُهَا، فَإِنَّهَا زَائِلَةٌ ذَاهِبَةٌ وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ قَرَأَ الْجُمْهُورُ «الْغَرُورِ» بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْغَرُورِ: هُوَ الشَّيْطَانُ، لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَغُرَّ الْخَلْقَ، وَيُمَنِّيَهُمْ بِالْأَمَانِي الْبَاطِلَةِ، وَيُلْهِيَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ، وَيَصُدَّهُمْ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ. وَقَرَأَ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ وأبو حيوة وابن السميقع بِضَمِّ الْغَيْنِ مَصْدَرُ غَرَّ يَغُرُّ غُرُورًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا وَاقِعًا وَصْفًا لِلشَّيْطَانِ عَلَى الْمُبَالَغَةِ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ أَيْ: عِلْمُ وَقْتِهَا الَّذِي تَقُومُ فِيهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: إِنَّ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ النَّفْيُ، أَيْ: مَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَإِنَّمَا صَارَ فِيهِ مَعْنَى النَّفْيِ لِمَا ورد عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلُهُ: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ [1] إِنَّهَا هَذِهِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي جَعَلَهَا مُعَيَّنَةً لِإِنْزَالِهِ وَلَا يَعْلَمُ ذَلِكَ غَيْرُهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحامِ مِنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَالصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ مِنَ النُّفُوسِ كَائِنَةً مَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ، وَالْأَنْبِيَاءِ، وَالْجِنِّ، وَالْإِنْسِ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً مِنْ كَسْبِ دِينٍ أَوْ كَسْبِ دُنْيَا وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ أَيْ: بِأَيِّ مَكَانٍ يَقْضِي اللَّهُ عَلَيْهَا بِالْمَوْتِ.
قَرَأَ الْجُمْهُورُ «وَيَنَزِّلُ الْغَيْثَ» مُشَدَّدًا. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ مُخَفَّفًا. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ «بِأَيِّ أَرْضٍ» وَقَرَأَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُوسَى الْأَهْوَازِيُّ «بِأَيَّةِ» وَجَوَّزَ ذَلِكَ الْفَرَّاءُ وَهِيَ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ. قَالَ الْأَخْفَشُ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ مَرَرْتُ بِجَارِيَةٍ أَيُّ جَارِيَةٍ. قَالَ الزَّجَّاجُ: مَنِ ادَّعَى أَنَّهُ يَعْلَمُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ فَقَدْ كَفَرَ بِالْقُرْآنِ لِأَنَّهُ خَالَفَهُ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ (خَتَّارٍ) قَالَ: جَحَّادٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ قَالَ: هُوَ الشَّيْطَانُ. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أهل البادية إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
إِنَّ امْرَأَتَيْ حُبْلَى فَأَخْبِرْنِي مَا تَلِدُ؟ وَبِلَادُنَا مُجْدِبَةٌ فَأَخْبِرْنِي مَتَى يَنْزِلُ الْغَيْثُ؟ وَقَدْ علمت متى ولدت فأخبرني

[1] الأنعام: 59.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست