responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 255
يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [1] : أَيْ لِلْحِسَابِ، وَقِيلَ: بِالشَّهَادَةِ أَنَّهُمْ عِبَادُهُ، وَقِيلَ: مخلصون وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُحْيِيهِ الْحَيَاةَ الدَّائِمَةَ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ أَيْ: هَيِّنٌ عَلَيْهِ لَا يَسْتَصْعِبُهُ، أَوْ أَهْوَنُ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى قُدْرَتِكُمْ، وَعَلَى مَا يَقُولُهُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِي قُدْرَتِهِ بَعْضُهُ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضٍ، بَلْ كُلُّ الْأَشْيَاءِ مُسْتَوِيَةٌ يُوجِدُهَا بِقَوْلِهِ: كُنْ فَتَكُونُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَنْ جَعَلَ أَهْوَنُ عِبَارَةً عَنْ تَفْضِيلِ شَيْءٍ عَلَى شَيْءٍ فَقَوْلُهُ مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِ: وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً [2] وبقوله: وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما [3] وَالْعَرَبُ تَحْمِلُ أَفْعَلَ عَلَى فَاعِلٍ كَثِيرًا كَمَا فِي قَوْلِ الْفَرَزْدَقِ:
إِنَّ الَّذِي سَمَكَ السَّمَاءَ بَنَى لَنَا ... بَيْتًا دَعَائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطْوَلُ
أَيْ: عَزِيزَةٌ طَوِيلَةٌ وَأَنْشَدَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ثَعْلَبٌ عَلَى ذَلِكَ:
تَمَنَّى رِجَالٌ أَنْ أَمُوتَ وَإِنْ أَمُتْ ... فَتِلْكَ سَبِيلٌ لَسْتُ فِيهَا بِأَوْحَدِ
أَيْ: لَسْتُ بِوَاحِدٍ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
لَعَمْرُكَ إِنَّ الزِّبْرِقَانَ لَبَاذِلٌ ... لِمَعْرُوفِهِ عِنْدَ السِّنِينَ وَأَفْضَلُ
أَيْ: وَفَاضِلٌ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ «وَهُوَ عَلَيْهِ هَيِّنٌ» وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ: إِنَّ الْإِعَادَةَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ، أَيْ: عَلَى اللَّهِ مِنَ الْبِدَايَةِ، أَيْ: أَيْسَرُ وَإِنْ كَانَ جَمِيعُهُ هَيِّنًا. وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّ الْإِعَادَةَ فِيمَا بَيْنَ الْخَلْقِ أَهْوَنُ مِنَ الْبِدَايَةِ، وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ لِلْخَلْقِ، أَيْ: وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَى الْخَلْقِ لِأَنَّهُ يُصَاحُ بِهِمْ صَيْحَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَقُومُونَ، وَيُقَالُ لَهُمْ: كُونُوا فَيَكُونُونَ، فَذَلِكَ أَهْوَنُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْ يَكُونُوا نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً إِلَى آخِرِ النَّشْأَةِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى قَالَ الْخَلِيلُ: الْمَثَلُ: الصِّفَةُ، أَيْ: وَلَهُ الْوَصْفُ الْأَعْلَى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كَمَا قَالَ: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ [4] أَيْ: صِفَتُهَا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَثَلُ الْأَعْلَى: قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَيْ: قَوْلُهُ «وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ» قَدْ ضَرَبَهُ لَكُمْ مَثَلًا فِيمَا يَصْعُبُ وَيَسْهُلُ. وَقِيلَ الْمَثَلُ الْأَعْلَى: هُوَ أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَقِيلَ:
هُوَ أَنَّ مَا أَرَادَهُ كَانَ بِقَوْلِ كن، وفي السموات وَالْأَرْضِ: مُتَعَلِّقٌ بِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ عُرِفَ بِالْمَثَلِ الْأَعْلَى، وَوُصِفَ بِهِ فِي السموات وَالْأَرْضِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَحْذُوفٍ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنَ الْأَعْلَى، أَوْ مِنَ الْمَثَلِ، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ فِي مُلْكِهِ الْقَادِرُ الَّذِي لَا يُغَالَبُ الْحَكِيمُ فِي أَقْوَالِهِ، وَأَفْعَالِهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: يُبْلِسُ قَالَ: يَبْتَئِسُ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ يُبْلِسُ قَالَ: يَكْتَئِبُ، وَعَنْهُ الْإِبْلَاسُ: الْفَضِيحَةُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: يُحْبَرُونَ قَالَ: يُكْرَمُونَ. وَأَخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَالَ اللَّهُ: أَيْنَ الَّذِينَ كَانُوا يُنَزِّهُونَ أَسْمَاعَهُمْ، وَأَبْصَارَهُمْ عَنْ مزامير الشيطان

[1] المطففين: 6.
[2] النساء: 169. [.....]
[3] البقرة: 255.
[4] الرعد: 35.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 255
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست