responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 253
الْأَصْلِ وَمَأْخُوذٌ مِنْهُ، وَقَدْ مَضَى تَفْسِيرُ هَذَا فِي الْأَنْعَامِ، وَأَنْ: فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ، وَمِنْ آيَاتِهِ: خَبَرُهُ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ إِذَا: هِيَ الْفُجَائِيَّةُ، أَيْ: ثُمَّ فَاجَأْتُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَقْتُ كَوْنِكُمْ بَشَرًا تَنْتَشِرُونَ فِي الْأَرْضِ، وَإِذَا الْفُجَائِيَّةُ: وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مَا تَقَعُ بَعْدَ الْفَاءِ، لَكِنَّهَا وَقَعَتْ هُنَا بَعْدَ ثُمَّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَلِيقُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ الْخَاصَّةِ، وَهِيَ أَطْوَارُ الْإِنْسَانِ كَمَا حَكَاهُ اللَّهُ فِي مَوَاضِعَ، مِنْ كَوْنِهِ نُطْفَةً، ثُمَّ عَلَقَةً، ثُمَّ مُضْغَةً، ثُمَّ عَظْمًا مَكْسُوًّا لَحْمًا، فَاجَأَ بالبشرية وَالِانْتِشَارُ، وَمَعْنَى تَنْتَشِرُونَ: تَنْصَرِفُونَ فِيمَا هُوَ قِوَامُ مَعَايِشِكُمْ وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً أَيْ: وَمِنْ عَلَامَاتِهِ وَدَلَالَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى الْبَعْثِ: أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا، أَيْ: مِنْ جِنْسِكُمْ فِي الْبَشَرِيَّةِ، وَالْإِنْسَانِيَّةِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ حَوَّاءُ، فَإِنَّهُ خَلَقَهَا مِنْ ضِلْعِ آدَمَ لِتَسْكُنُوا إِلَيْها أَيْ: تَأْلَفُوهَا، وَتَمِيلُوا إِلَيْهَا، فَإِنَّ الْجِنْسَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ لَا يَسْكُنُ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ، وَلَا يَمِيلُ قَلْبُهُ إِلَيْهِ وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً أَيْ: وِدَادًا وَتَرَاحُمًا بِسَبَبِ عِصْمَةِ النِّكَاحِ يَعْطِفُ بِهِ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَكُمْ قَبْلَ ذَلِكَ مَعْرِفَةٌ فَضْلًا عَنْ مَوَدَّةٍ وَرَحْمَةٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَوَدَّةُ: الْجِمَاعُ، وَالرَّحْمَةُ: الْوَلَدُ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْمَوَدَّةُ: الْمَحَبَّةُ، وَالرَّحْمَةُ: الشَّفَقَةُ. وَقِيلَ: الْمَوَدَّةُ حُبِّ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَالرَّحْمَةُ: رَحْمَتُهُ إِيَّاهَا مِنْ أَنْ يُصِيبَهَا بِسُوءٍ. وَقَوْلُهُ «أَنْ خَلَقَ لَكُمْ» : فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَمِنْ آيَاتِهِ: خَبَرُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ الْمَذْكُورِ سَابِقًا. لَآياتٍ عَظِيمَةَ الشَّأْنِ بَدِيعَةَ الْبَيَانِ وَاضِحَةَ الدَّلَالَةِ عَلَى قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى الْبَعْثِ، وَالنُّشُورِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ يَقْتَدِرُونَ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ لِكَوْنِ التَّفَكُّرِ مَادَّةً لَهُ يَتَحَصَّلُ عَنْهُ، وَأَمَّا الْغَافِلُونَ عَنِ التَّفَكُّرِ فَمَا هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَإِنَّ مَنْ خَلَقَ هَذِهِ الأجرام العظيمة التي هي أجرام السموات وَالْأَرْضِ، وَجَعَلَهَا بَاقِيَةً مَا دَامَتْ هَذِهِ الدَّارُ، وَخَلَقَ فِيهَا مِنْ عَجَائِبِ الصُّنْعِ، وَغَرَائِبِ التَّكْوِينِ مَا هُوَ عِبْرَةٌ لِلْمُعْتَبِرِينَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَكُمْ بَعْدَ مَوْتِكُمْ، وَيَنْشُرَكُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ أَيْ: لُغَاتِكُمْ: مِنْ عَرَبٍ، وَعَجَمٍ، وَتُرْكٍ، وَرُومٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ اللُّغَاتِ وَأَلْوانِكُمْ مِنَ الْبَيَاضِ، وَالسَّوَادِ، وَالْحُمْرَةِ، وَالصُّفْرَةِ، وَالزُّرْقَةِ، وَالْخُضْرَةِ، مَعَ كَوْنِكُمْ أَوْلَادَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَأُمٍّ وَاحِدَةٍ، وَيَجْمَعُكُمْ نَوْعٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ:
الْإِنْسَانِيَّةُ، وَفَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ: النَّاطِقِيَّةُ، حَتَّى صِرْتُمْ مُتَمَيِّزِينَ فِي ذَاتِ بَيْنِكُمْ، لَا يَلْتَبِسُ هَذَا بِهَذَا، بَلْ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِكُمْ مَا يُمَيِّزُهُ عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَفْرَادِ، وَفِي هَذَا مِنْ بَدِيعِ الْقُدْرَةِ مَا لَا يَعْقِلُهُ إِلَّا الْعَالَمُونَ، وَلَا يَفْهَمُهُ إِلَّا الْمُتَفَكِّرُونَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ جِنْسِ هَذَا الْعَالَمِ، مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ لَامِ الْعَالَمِينَ. وَقَرَأَ حَفْصٌ وَحْدَهُ بِكَسْرِهَا. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَهُ وَجْهٌ جَيِّدٌ لِأَنَّهُ قَدْ قال: لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ [1] وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ [2] . وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ قِيلَ: فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَالتَّقْدِيرُ: وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ، وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ بِالنَّهَارِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى صَحِيحٌ مِنْ دُونِ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ، أَيْ: وَمِنْ آيَاتِهِ الْعَظِيمَةِ أَنَّكُمْ تَنَامُونَ بالليل، وتنامون فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ لِلِاسْتِرَاحَةِ كَوَقْتِ الْقَيْلُولَةِ، وَابْتِغَاؤُكُمْ من فضله فيهما، فإن

[1] آل عمران: 190.
[2] العنكبوت: 43.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 253
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست