responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 249
كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى رُسُلِهِ، أو بأن كذبوا، ومن القائلين بأن السوأى جَهَنَّمُ: الْفَرَّاءُ، وَالزَّجَّاجُ، وَابْنُ قُتَيْبَةَ، وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ، وسميت سوأى: لِكَوْنِهَا تَسُوءُ صَاحِبَهَا. قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى: ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا النَّارُ بِتَكْذِيبِهِمْ آيَاتِ الله واستهزائهم، وجملة وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ عَطْفٌ عَلَى كَذَّبُوا دَاخِلَةٌ مَعَهُ فِي حُكْمِ الْعِلِيَّةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، أَوْ فِي حُكْمِ الِاسْمِيَّةِ لِكَانَ، أَوِ الْخَبَرِيَّةِ لَهَا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: الم غُلِبَتِ الرُّومُ قَالَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ فَارِسُ عَلَى الرُّومِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَصْحَابَ أَوْثَانٍ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ، لِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ كِتَابٍ، فَذَكَرُوهُ لِأَبِي بَكْرٍ، فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنَّهُمْ سَيَغْلِبُونَ» فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لَهُمْ، فَقَالُوا: اجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ أَجَلًا فَإِنْ ظَهْرَنَا كَانَ لَنَا كَذَا وَكَذَا، وَإِنْ ظَهَرْتُمْ كَانَ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا، فَجَعَلَ بَيْنَهُمْ أَجَلًا خَمْسَ سِنِينَ فَلَمْ يَظْهَرُوا، فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بكر لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَلَا جَعَلْتَهُ- أُرَاهُ قَالَ- دُونَ الْعَشْرِ، فَظَهَرَتِ الرُّومُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: الم غُلِبَتِ الرُّومُ فَغُلِبَتْ، ثُمَّ غُلِبَتْ بَعْدُ بِقَوْلِ اللَّهِ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ قَالَ سُفْيَانُ: سَمِعْتُ أَنَّهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ. وَأَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ نَحْوَهُ. وَزَادَ أَنَّهُ لَمَّا مَضَى الْأَجَلُ، وَلَمْ تَغْلِبِ الرُّومُ فَارِسًا، سَاءَ النَّبِيُّ مَا جَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ مِنَ الْمُدَّةِ، وَكَرِهَهُ وَقَالَ: «مَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا؟» قَالَ: تَصْدِيقًا لِلَّهِ، وَلِرَسُولِهِ فَقَالَ: «تَعَرَّضْ لَهُمْ وَأَعْظِمِ الْخُطَّةَ وَاجْعَلْهُ إِلَى بِضْعِ سِنِينَ» ، فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: هَلْ لَكَمَ فِي الْعَوْدِ فَإِنَّ الْعَوْدَ أَحْمَدُ؟ قَالُوا نَعَمْ، فَلَمْ تَمْضِ تِلْكَ السُّنُونَ حَتَّى غَلَبَتِ الرُّومُ فَارِسًا، وَرَبَطُوا خُيُولَهُمْ بِالْمَدَائِنِ، وَبَنَوْا رُومِيَّةَ، فَقَمَرَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَاءَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ يَحْمِلُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [1] ، فَقَالَ: «هَذَا السُّحْتُ، تَصَدَّقْ بِهِ» . وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، عَنْ نِيَارِ بْنِ مُكْرَمٍ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ الم غُلِبَتِ الرُّومُ الْآيَةَ كَانَتْ فَارِسُ يَوْمَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَاهِرِينَ الرُّومَ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ ظُهُورَ الرُّومِ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُمْ وَإِيَّاهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ اللَّهُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُحِبُّ ظُهُورَ فَارِسَ لِأَنَّهُمْ وَإِيَّاهُمْ لَيْسُوا أَهْلَ كِتَابٍ، وَلَا إِيمَانٍ بِبَعْثٍ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ يَصِيحُ فِي نَوَاحِي مَكَّةَ الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ فَقَالَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ لِأَبِي بَكْرٍ:
ذَلِكَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ يَزْعُمُ صَاحِبُكَ أَنَّ الرُّومَ سَتَغْلِبُ فَارِسَ فِي بِضْعِ سِنِينَ، أَفَلَا نُرَاهِنُكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ بَلَى، وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الرِّهَانِ، فَارْتَهَنَ أَبُو بَكْرٍ، وَالْمُشْرِكُونَ، وَتَوَاضَعُوا الرِّهَانَ، وَقَالُوا لِأَبِي بَكْرٍ: لَمْ تَجْعَلِ الْبِضْعَ ثَلَاثَ سِنِينَ إِلَى تِسْعِ سِنِينَ؟ فَسَمِّ بَيْنَنَا وبينك وسطا ننتهي إِلَيْهِ، قَالَ: فَسَمَّوْا بَيْنَهُمْ سِتَّ سِنِينَ، فَمَضَتِ

[1] أي: ربح أبو بكر الرهان وأخذ ما راهن عليه، وجاء به إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 249
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست