responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 240
يَنْبَغِي، لَيْسَ فِي قُدْرَتِي غَيْرُ ذَلِكَ. قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ «لَوْلَا أَنْزِلُ عَلَيْهِ آيَةٌ» بِالْإِفْرَادِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْجَمْعِ، وَاخْتَارَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَبُو عُبَيْدٍ لِقَوْلِهِ «قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ» أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِلرَّدِّ على اقتراحهم، وبيان بطلانه، أي: أو لم يَكْفِ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي اقْتَرَحُوهَا هَذَا الْكِتَابُ الْمُعْجِزُ الَّذِي قَدْ تَحَدَّيْتَهُمْ بِأَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ أَوْ بِسُورَةٍ مِنْهُ فَعَجَزُوا، وَلَوْ أَتَيْتَهُمْ بِآيَاتِ مُوسَى، وَآيَاتِ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ لَمَا آمَنُوا، كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِالْقُرْآنِ الَّذِي يُتْلَى عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ زَمَانٍ، وَمَكَانٍ إِنَّ فِي ذلِكَ الْإِشَارَةُ إِلَى الْكِتَابِ الْمَوْصُوفِ بِمَا ذُكِرَ لَرَحْمَةً عَظِيمَةً فِي الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ وَذِكْرى فِي الدُّنْيَا يَتَذَكَّرُونَ بِهَا، وَتُرْشِدُهُمْ إِلَى الْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ أَيْ: لِقَوْمٍ يُصَدِّقُونَ بِمَا جِئْتَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَنْتَفِعُونَ بِذَلِكَ قُلْ كَفى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً أَيْ: قُلْ لِلْمُكَذِّبِينَ: كَفَى اللَّهُ شَهِيدًا بِمَا وَقَعَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ يَعْلَمُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ خَافِيَةٌ، وَمِنْ جُمْلَتِهِ مَا صَدَرَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَسُولِهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ أَيْ: آمَنُوا بِمَا يَعْبُدُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَكَفَرُوا بِالْحَقِّ، وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، أُولَئِكَ هُمُ الْجَامِعُونَ بَيْنَ خُسْرَانِ الدُّنْيَا
، وَالْآخِرَةِ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ اسْتِهْزَاءً وَتَكْذِيبًا مِنْهُمْ بِذَلِكَ كَقَوْلِهِمْ: فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ [1] وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى قَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ لِعَذَابِهِمْ، وَعَيَّنَهُ، وَهُوَ الْقِيَامَةُ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْأَجَلُ: مُدَّةُ أَعْمَارِهِمْ لِأَنَّهُمْ إِذَا مَاتُوا صَارُوا إِلَى الْعَذَابِ لَجاءَهُمُ الْعَذابُ أَيْ: لَوْلَا ذَلِكَ الْأَجَلُ الْمَضْرُوبُ لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ الَّذِي يَسْتَحِقُّونَهُ بِذُنُوبِهِمْ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْأَجَلِ الْمُسَمَّى: النَّفْخَةُ الْأُولَى، وَقِيلَ: الْوَقْتُ الَّذِي قَدَّرَهُ اللَّهُ لِعَذَابِهِمْ فِي الدُّنْيَا، بِالْقَتْلِ، وَالْأَسْرِ يَوْمَ بَدْرٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِكُلِّ عَذَابٍ أَجَلًا، لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ، وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ كَمَا في قوله سبحانه: لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ [2] وَجُمْلَةُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً مُسْتَأْنَفَةٌ مُبَيِّنَةٌ لِمَجِيءِ الْعَذَابِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهَا، وَمَعْنَى بَغْتَةً: فَجْأَةٌ، وَجُمْلَةُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: حَالَ كَوْنِهِمْ لَا يَعْلَمُونَ بِإِتْيَانِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ مَوْعِدُ عَذَابِهِمُ النَّارَ، فَقَالَ:
يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ أَيْ: يَطْلُبُونَ مِنْكَ تَعْجِيلَ عَذَابِهِمْ، وَالْحَالُ أَنَّ مَكَانَ الْعَذَابِ مُحِيطٌ بِهِمْ، أَيْ: سَيُحِيطُ بِهِمْ عَنْ قُرْبٍ، فَإِنَّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ، وَالْمُرَادُ بِالْكَافِرِينَ: جِنْسُهُمْ، فَيَدْخُلُ فِيهِ هَؤُلَاءِ الْمُسْتَعْجِلُونَ دُخُولًا أَوَّلِيًّا، فَقَوْلُهُ: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ إِخْبَارٌ عَنْهُمْ، وَقَوْلُهُ ثَانِيًا:
يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ تَعَجُّبٌ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: التَّكْرِيرُ لِلتَّأْكِيدِ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ كَيْفِيَّةَ إِحَاطَةِ الْعَذَابِ بِهِمْ، فَقَالَ: يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ أَيْ: مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِمْ، فَإِذَا غَشِيَهُمُ الْعَذَابُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، فَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِمْ جَهَنَّمُ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ الْقَائِلُ: هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَوْ بَعْضُ مَلَائِكَتِهِ بِأَمْرِهِ، أَيْ: ذُوقُوا جَزَاءَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي. قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ والكوفة

[1] الأنفال: 32.
[2] الأنعام: 67. [.....]
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست