responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 239
قَوْلُهُ: وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ هَذَا خِطَابٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْإِشَارَةُ إِلَى مَصْدَرِ الْفِعْلِ كَمَا بَيَّنَاهُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ، أَيْ: وَمِثْلُ ذَلِكَ الْإِنْزَالِ الْبَدِيعِ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ، وَهُوَ الْقُرْآنُ، وَقِيلَ الْمَعْنَى:
كَمَا أَنْزَلَنَا الْكِتَابَ عَلَيْهِمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ يَعْنِي: مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَخَصَّهُمْ بِإِيتَائِهُمُ الْكِتَابَ لِكَوْنِهِمُ الْعَامِلِينَ بِهِ، وَكَأَنَّ غَيْرَهُمْ لَمْ يُؤْتَوْهُ لِعَدَمِ عَمَلِهِمْ بِمَا فِيهِ، وَجَحْدِهِمْ لِصِفَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مِنْهُمْ وَهُوَ مَنْ قَدْ أَسْلَمَ. مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، أَيْ: بِالْقُرْآنِ، وَقِيلَ: الْإِشَارَةُ إِلَى جَمِيعِ الْعَرَبِ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا أَيْ: آيَاتِ الْقُرْآنِ إِلَّا الْكافِرُونَ الْمُصَمِّمُونَ عَلَى كُفْرِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وأهل الكتاب وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ الضَّمِيرُ فِي قَبْلِهِ رَاجِعٌ إِلَى الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ أَيْ: مَا كُنْتَ يَا مُحَمَّدُ تَقْرَأُ قَبْلَ الْقُرْآنِ كِتَابًا، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّكَ أُمِّيٌّ لَا تَقْرَأُ، وَلَا تَكْتُبُ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ أَيْ: وَلَا تَكْتُبُهُ لِأَنَّكَ لَا تَقْدِرُ عَلَى الْكِتَابَةِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ أهل الكتاب يجدون في كتبهم أن محمّد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ لَا يَخُطُّ، وَلَا يَقْرَأُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى نُبُوَّتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ، وَلَا يُخَالِطُ أَهْلَ الْكِتَابِ، وَلَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ أَهْلُ كِتَابٍ، فَجَاءَهُمْ بِأَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ أَيْ: لَوْ كُنْتَ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَى التِّلَاوَةِ وَالْخَطِّ لَقَالُوا لَعَلَّهُ وَجَدَ مَا يَتْلُوهُ عَلَيْنَا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ السَّابِقَةِ، أَوْ مِنَ الْكُتُبِ الْمُدَوَّنَةِ فِي أَخْبَارِ الْأُمَمِ، فَلَمَّا كُنْتَ أُمِّيًّا لَا تَقْرَأُ، وَلَا تَكْتُبُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَوْضِعٌ لِلرِّيبَةِ، وَلَا مَحَلٌّ لِلشَّكِّ أَبَدًا، بَلْ إِنْكَارُ مَنْ أَنْكَرَ، وَكُفْرُ مَنْ كَفَرَ مُجَرَّدُ عِنَادٍ، وَجُحُودٍ بِلَا شُبْهَةٍ، وَسَمَّاهُمْ مُبْطِلِينَ لِأَنَّ ارْتِيَابَهُمْ عَلَى تقدير أنه صلّى الله عليه وَسَلَّمَ يَقْرَأُ وَيَكْتُبُ ظُلْمٌ مِنْهُمْ لِظُهُورِ نَزَاهَتِهِ، وَوُضُوحِ مُعْجِزَاتِهِ بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ يَعْنِي: الْقُرْآنَ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ يَعْنِي: الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ حَفِظُوا الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِهِ صَلَّى الله عليه وسلم، وحفظوا بَعْدَهُ، وَقَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ: إِنَّ الضَّمِيرَ يَرْجِعُ إلى النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، أَيْ: بَلْ مُحَمَّدٌ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ، أَيْ: ذُو آيَاتٍ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ «بَلْ هِيَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ» قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ: بَلْ آيَاتُ الْقُرْآنِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ ... وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ مَا قَالَهُ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ لما قالاه بقراءة ابن السميقع «بَلْ هَذَا آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ» وَلَا دَلِيلَ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّ الْإِشَارَةَ يَجُوزُ أن تكون إلى القراءة كَمَا جَازَ أَنْ تَكُونَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، بَلْ رُجُوعُهَا إِلَى الْقُرْآنِ أَظْهَرُ لِعَدَمِ احْتِيَاجِ ذَلِكَ إِلَى التَّأْوِيلِ، وَالتَّقْدِيرِ. وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ أَيِ: الْمُجَاوِزُونَ لِلْحَدِّ فِي الظُّلْمِ وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ أَيْ: قَالَ الْمُشْرِكُونَ هَذَا الْقَوْلَ، وَالْمَعْنَى: هَلَّا أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ آيَاتٌ كَآيَاتِ الْأَنْبِيَاءِ، وَذَلِكَ كَآيَاتِ مُوسَى، وَنَاقَةِ صَالِحٍ، وَإِحْيَاءِ الْمَسِيحِ لِلْمَوْتَى، ثُمَّ أَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يُجِيبَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ يُنْزِلُهَا عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَلَا قُدْرَةَ لِأَحَدٍ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ أُنْذِرُكُمْ كَمَا أُمِرْتُ، وَأُبَيِّنُ لَكُمْ كَمَا

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 239
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست