responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 233
فِيهَا قَوْمُ لُوطٍ، وَجُمْلَةُ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ تَعْلِيلٌ لِلْإِهْلَاكِ، أَيْ: إِهْلَاكُنَا لَهُمْ بِهَذَا السَّبَبِ قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً أَيْ: قَالَ لَهُمْ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ الَّتِي أَنْتُمْ مُهْلِكُوهَا لُوطًا فَكَيْفَ تُهْلِكُونَهَا؟ قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها مِنَ الْأَخْيَارِ، وَالْأَشْرَارِ، وَنَحْنُ أَعْلَمُ مِنْ غَيْرِنَا بِمَكَانِ لُوطٍ لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْعَذَابِ. قَرَأَ الْأَعْمَشُ، وَحَمْزَةُ، وَيَعْقُوبُ، وَالْكِسَائِيُّ «لَنُنْجِيَنَّهُ» بِالتَّخْفِيفِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ أَيِ: الْبَاقِينَ فِي الْعَذَابِ، وَهُوَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْبَاقِي، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ، وَقِيلَ الْمَعْنَى: مِنَ الْبَاقِينَ فِي الْقَرْيَةِ الَّتِي سَيَنْزِلُ بِهَا الْعَذَابُ، فَتُعَذَّبُ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، وَلَا تَنْجُو فِيمَنْ نَجَا وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ أَيْ: لَمَّا جَاءَتِ الرُّسُلُ لُوطًا بَعْدَ مُفَارَقَتِهِمْ إِبْرَاهِيمَ سِيءَ بِهِمْ، أَيْ: جَاءَهُ مَا سَاءَهُ وَخَافَ مِنْهُ، لِأَنَّهُ ظَنَّهُمْ مِنَ الْبَشَرِ، فَخَافَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَوْمِهِ لِكَوْنِهِمْ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ مِنَ الصُّوَرِ الْبَشَرِيَّةِ، وَ «أَنْ» فِي أَنْ جَاءَتْ زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً أَيْ: عَجَزَ عَنْ تَدْبِيرِهِمْ، وَحَزِنَ، وَضَاقَ صَدْرُهُ، وَضِيقُ الذِّرَاعِ: كِنَايَةٌ عَنِ الْعَجْزِ، كَمَا يُقَالُ فِي الْكِنَايَةِ عَنِ الْفَقْرِ: ضَاقَتْ يَدُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذَا مُسْتَوْفًى فِي سُورَةِ هود. ولما شاهد الْمَلَائِكَةُ مَا حَلَّ بِهِ مِنَ الْحُزْنِ وَالتَّضَجُّرِ قالُوا لَا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ أَيْ: لَا تَخَفْ عَلَيْنَا مِنْ قَوْمِكَ، وَلَا تَحْزَنْ، فَإِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْنَا إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي أَمَرَنَا اللَّهُ بِأَنْ نُنْزِلَهُ بِهِمْ إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ أَخْبَرُوا لُوطًا بِمَا جَاءُوا بِهِ مِنْ إِهْلَاكِ قَوْمِهِ، وَتَنْجِيَتِهِ، وَأَهْلِهِ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَمَا أَخْبَرُوا بِذَلِكَ إِبْرَاهِيمَ، قَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَيَعْقُوبُ، وَالْأَعْمَشُ «مُنَجُّوكَ» بِالتَّخْفِيفِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: الْكَافُ فِي مُنَجُّوكَ مَخْفُوضٌ، وَلَمْ يَجُزْ عَطْفُ الظَّاهِرِ عَلَى الْمُضْمَرِ الْمَخْفُوضِ، فَحُمِلَ الثَّانِي عَلَى الْمَعْنَى، وَصَارَ التَّقْدِيرُ: وَنُنْجِي أَهْلَكَ إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ هَلَاكِهِمُ الْمَفْهُومُ مِنْ تَخْصِيصِ التَّنْجِيَةِ بِهِ، وَبِأَهْلِهِ، وَالرِّجْزُ:
الْعَذَابُ، أَيْ: عَذَابًا مِنَ السَّمَاءِ، وَهُوَ الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ، وَقِيلَ: إِحْرَاقُهُمْ بِنَارٍ نَازِلَةٍ مِنَ السَّمَاءِ، وَقِيلَ:
هُوَ الْخَسْفُ، وَالْحَصَبُ كَمَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَمَعْنَى كَوْنِ الْخَسْفِ مِنَ السَّمَاءِ: أَنَّ الْأَمْرَ بِهِ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ.
قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ «مُنَزِّلُونَ» بِالتَّشْدِيدِ. وَبِهَا قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّخْفِيفِ، وَالْبَاءُ فِي بِما كانُوا يَفْسُقُونَ لِلسَّبَبِيَّةِ، أَيْ: لِسَبَبِ فِسْقِهِمْ وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً أَيْ: أَبْقَيْنَا مِنَ الْقَرْيَةِ عَلَامَةً، وَدَلَالَةً بَيِّنَةً، وَهِيَ الْآثَارُ الَّتِي بِهَا مِنَ الْحِجَارَةِ، رُجِمُوا بِهَا، وَخَرَابُ الدِّيَارِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الْمَاءُ الْأَسْوَدُ الْبَاقِي عَلَى وَجْهِ أَرْضِهِمْ، وَلَا مَانِعَ مِنْ حَمْلِ الْآيَةِ عَلَى جَمِيعِ مَا ذُكِرَ، وَخُصَّ مَنْ يَعْقِلُ، لِأَنَّهُ الَّذِي يَفْهَمُ أَنَّ تِلْكَ الْآثَارَ عِبْرَةٌ يَعْتَبِرُ بِهَا مَنْ يراها وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً أي: وأرسلنا إِلَيْهِمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَذِكْرُ نَسَبِهِ وَذِكْرُ قومه في سورة الأعراف وسورة هود: فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ أي: أفردوه بالعبادة، وَخُصُّوهُ بِهَا وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ أَيْ: تَوَقَّعُوهُ وَافْعَلُوا الْيَوْمَ مِنَ الْأَعْمَالِ مَا يَدْفَعُ عَذَابَهُ عَنْكُمْ. قَالَ يُونُسُ النَّحْوِيُّ:
مَعْنَاهُ: اخْشَوُا الْآخِرَةَ الَّتِي فِيهَا الْجَزَاءُ عَلَى الْأَعْمَالِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ العثو والعثي: أَشَدُّ الْفَسَادِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ أَيِ: الزَّلْزَلَةُ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ هُودٍ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ أَيْ: صَيْحَةُ جِبْرِيلَ، وَهِيَ سَبَبُ الرَّجْفَةِ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ أَيْ: أَصْبَحُوا فِي بَلَدِهِمْ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 233
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست