responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 229
التَّنْزِيلِيَّةُ، أَوِ التَّكْوِينِيَّةُ، أَوْ جَمِيعُهُمَا، وَكَفَرُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ، أَيْ: أَنْكَرُوا الْبَعْثَ وَمَا بَعْدَهُ، وَلَمْ يَعْمَلُوا بِمَا أَخْبَرَتْهُمْ بِهِ رُسُلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: أُولئِكَ إِلَى الْكَافِرِينَ بِالْآيَاتِ وَاللِّقَاءِ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي أَيْ: إِنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا آيِسُونَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ لَمْ يَنْجَعْ فِيهِمْ مَا نَزَلَ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ، وَلَا مَا أَخْبَرَتْهُمْ بِهِ رُسُلُهُ. وَقِيلَ المعنى: أنهم ييأسون يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَهِيَ الْجَنَّةُ. والمعنى أنهم أويسوا مِنَ الرَّحْمَةِ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ كَرَّرَ سُبْحَانَهُ الْإِشَارَةَ لِلتَّأْكِيدِ، وَوَصَفَ الْعَذَابَ بِكَوْنِهِ أَلِيمًا لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ فِي غَايَةِ الشِّدَّةِ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ هَذَا رُجُوعٌ إِلَى خِطَابِ إِبْرَاهِيمَ بَعْدَ الِاعْتِرَاضِ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ خِطَابِ مُحَمَّدٍ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ قَوْلَهُ قل سيروا في الأرض خطاب لمحمد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ خِطَابٌ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَالْكَلَامُ فِي سِيَاقِهِ سابقا ولا حقا، أَيْ:
قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عِنْدِ الْمُشَاوَرَةِ بَيْنَهُمُ: افْعَلُوا بِإِبْرَاهِيمَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، ثُمَّ اتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيقِهِ فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ وَجَعَلَهَا عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا إِنَّ فِي ذلِكَ أَيْ: فِي إِنْجَاءِ اللَّهِ لِإِبْرَاهِيمَ لَآياتٍ بَيِّنَةً، أَيْ: دَلَالَاتٍ وَاضِحَةً، وَعَلَامَاتٍ ظَاهِرَةً عَلَى عَظِيمِ قُدْرَةِ اللَّهِ، وَبَدِيعِ صُنْعِهِ، حَيْثُ أَضْرَمُوا تِلْكَ النَّارَ الْعَظِيمَةَ، وَأَلْقَوْهُ فِيهَا، وَلَمْ تَحْرِقْهُ، وَلَا أَثَّرَتْ فِيهِ أَثَرًا، بَلْ صَارَتْ إِلَى حَالَةٍ مُخَالِفَةٍ لِمَا هُوَ شَأْنُ عُنْصُرِهَا مِنَ الْحَرَارَةِ وَالْإِحْرَاقِ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُؤْمِنُونَ، لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ يَعْتَبِرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَأَمَّا مَنْ عَدَاهُمْ فَهُمْ عَنْ ذَلِكَ غَافِلُونَ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِنَصْبِ «جَوَابَ قَوْمِهِ» عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ، وَمَا بَعْدَهُ اسْمُهَا. وَقَرَأَ سَالِمٌ الْأَفْطَسُ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَالْحَسَنُ بِرَفْعِهِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ كَانَ، وَمَا بَعْدَهُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْخَبَرِ وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا أَيْ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِقَوْمِهِ: أَيْ لِلتَّوَادُدِ بَيْنَكُمْ، وَالتَّوَاصُلِ لِاجْتِمَاعِكُمْ عَلَى عِبَادَتِهَا، وَلِلْخَشْيَةِ مِنْ ذَهَابِ الْمَوَدَّةِ فِيمَا بَيْنَكُمْ إِنْ تَرَكْتُمْ عِبَادَتَهَا. قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَالْكِسَائِيُّ «مَوَدَّةُ بَيْنِكُمْ» بِرَفْعِ مَوَدَّةَ غَيْرِ مُنَوَّنَةٍ، وَإِضَافَتِهَا إِلَى بَيْنِكُمْ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ، وَابْنُ وَثَّابٍ «مَوَدَّةٌ» بِرَفْعِهَا مُنَوَّنَةً. وَقَرَأَ نَافِعٌ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بِنَصْبِ «مَوَدَّةَ» مُنَوَّنَةً وَنَصَبَ بَيْنَكُمْ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ، وَحَفْصٌ بِنَصْبِ «مَوَدَّةَ» مُضَافَةً إِلَى بَيْنِكُمْ. فَأَمَّا قِرَاءَةُ الرَّفْعِ، فَذَكَرَ الزَّجَّاجُ لَهَا وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّهَا ارْتَفَعَتْ عَلَى خَبَرِ إِنَّ فِي إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ، وَجَعَلَ مَا موصولة، وَالتَّقْدِيرُ: إِنَّ الَّذِي اتَّخَذْتُمُوهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أوثانا مودّة بينكم. الوجه الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَأٍ، أَيْ: هِيَ مَوَدَّةٌ أَوْ تِلْكَ مَوَدَّةٌ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمَوَدَّةَ هِيَ الَّتِي جَمَعَتْكُمْ عَلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَاتِّخَاذِهَا. قِيلَ: وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَوَدَّةُ مُرْتَفِعَةً بِالِابْتِدَاءِ، وَخَبَرُهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا. وَمَنْ قَرَأَ بِرَفْعِ مَوَدَّةَ مُنَوَّنَةً: فَتَوْجِيهُهُ كَالْقِرَاءَةِ الْأُولَى، وَنَصْبِ بَيْنِكُمْ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ. وَمَنْ قَرَأَ بِنَصْبِ مَوَدَّةٍ وَلَمْ يُنَوِّنْهَا جَعْلَهَا مَفْعُولَ اتَّخَذْتُمْ، وَجَعَلَ إِنَّمَا حَرْفًا وَاحِدًا لِلْحَصْرِ، وَهَكَذَا مَنْ نَصَبَهَا وَنَوَّنَهَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّصْبُ فِي هَاتَيْنِ الْقِرَاءَتَيْنِ عَلَى أَنَّ الْمَوَدَّةَ عِلَّةٌ، فَهِيَ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ، وَعَلَى قِرَاءَةِ الرَّفْعِ يَكُونُ مَفْعُولُ اتَّخَذْتُمُ الثَّانِي مَحْذُوفًا، أَيْ: أَوْثَانًا آلِهَةً، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ مَا فِي قَوْلِهِ «إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ» مَوْصُولَةٌ يَكُونُ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ: ضَمِيرَهَا، أَيِ: اتَّخَذْتُمُوهُ، وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي: أَوْثَانًا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ أَيْ: يَكْفُرُ بَعْضُ هَؤُلَاءِ الْمُتَّخِذِينَ لِلْأَوْثَانِ الْعَابِدِينَ لَهَا بِالْبَعْضِ الْآخَرِ مِنْهُمْ، فَيَتَبَرَّأُ الْقَادَةُ مِنَ الْأَتْبَاعِ، وَالْأَتْبَاعُ مِنَ الْقَادَةِ، وَقِيلَ:

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 229
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست