responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 203
إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ إِذْ كَلَّفْنَاهُ وَأَلْزَمْنَاهُ، وَقِيلَ: أَخْبَرْنَاهُ أَنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ خَيْرُ الْأُمَمِ، وَلَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيُ كَوْنِهِ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ نَفْيَ كَوْنِهِ مِنَ الشَّاهِدَيْنِ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْضُرَ وَلَا يَشْهَدُ. قِيلَ: الْمُرَادُ بِالشَّاهِدِينَ: السَّبْعُونَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ مُوسَى لِلْمِيقَاتِ وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً أَيْ: خَلَقْنَا أُمَمًا بَيْنَ زَمَانِكَ يَا مُحَمَّدُ، وَزَمَانِ مُوسَى فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ طَالَتْ عَلَيْهِمُ الْمُهْلَةُ وَتَمَادَى عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ، فَتَغَيَّرَتِ الشَّرَائِعُ، وَالْأَحْكَامُ وَتُنُوسِيَتِ الْأَدْيَانُ، فَتَرَكُوا أَمْرَ اللَّهِ وَنَسَوْا عَهْدَهُ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ [1] ، وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذَا الْكَلَامِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ عَهِدَ إِلَى مُوسَى عُهُودًا فِي محمد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَفِي الْإِيمَانِ بِهِ فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَضَتِ الْقُرُونُ بَعْدَ الْقُرُونِ نَسَوْا تِلْكَ الْعُهُودَ، وَتَرَكُوا الْوَفَاءَ بِهَا وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ أَيْ:
مُقِيمًا بَيْنَهُمْ كَمَا أَقَامَ مُوسَى حَتَّى تَقْرَأَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ خَبَرَهُمْ وَتَقُصَّ عَلَيْهِمْ مِنْ جِهَةِ نَفْسِكَ يُقَالُ: ثَوَى يَثْوِي ثَوَاءً وَثُوِيًّا فَهُوَ ثَاوٍ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَقَدْ كَانَ فِي حَوْلٍ ثَوَاءٍ ثَوَيْتُهُ ... تَقَضِّي لُبَانَاتٍ وَيَسْأَمُ سَائِمُ
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
فَبَاتَ حَيْثُ يَدْخُلُ الثَّوِيُّ يَعْنِي الضَّيْفَ الْمُقِيمَ.
وَقَالَ آخَرُ:
طَالَ الثَّوَاءُ عَلَى رَسُولِ الْمَنْزِلِ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا أَيْ: تَقْرَأُ عَلَى أَهْلِ مَدْيَنَ آيَاتِنَا، وَتَتَعَلَّمُ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: تُذَكِّرُهُمْ بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، وَالْجُمْلَةُ: فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَوْ خَبَرُ ثَانٍ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ هِيَ الْخَبَرُ، وَثَاوِيًا حَالٌ. وَجَعَلَهَا الْفَرَّاءُ مُسْتَأْنَفَةً كَأَنَّهُ قِيلَ: وَهَا أَنْتَ تَتْلُو عَلَى أُمَّتِكَ وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ أَيْ: أَرْسَلْنَاكَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، وَأَنْزَلَنَا عَلَيْكَ هَذِهِ الْأَخْبَارَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا عَلِمْتَهَا. قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى أَنَّكَ لَمْ تشاهد قصص الأنبياء، ولا تليت عليك، ولكن أَوْحَيْنَاهَا إِلَيْكَ، وَقَصَصْنَاهَا عَلَيْكَ وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا أَيْ: وَمَا كُنْتَ يَا محمد بجانب الجبل، المسمى بالطور إِذْ نَادَيْنَا مُوسَى لَمَّا أَتَى إِلَى الْمِيقَاتِ مع السبعين. وقيل: المنادي هو أمة محمد صلّى الله عليه وَسَلَّمَ. قَالَ وَهْبٌ: وَذَلِكَ أَنَّ مُوسَى لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَضْلَ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ قَالَ: يَا رَبِّ أَرِنِيهِمْ، فَقَالَ اللَّهُ: إِنَّكَ لَنْ تُدْرِكَهُمْ وَإِنْ شِئْتَ نَادَيْتُهُمْ فَأَسْمَعْتُكَ صَوْتَهُمْ، قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، فَقَالَ اللَّهُ: يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ! فَأَجَابُوا مِنْ أَصْلَابِ آبَائِهِمْ. فَيَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ عَلَى هَذَا: مَا كُنْتَ يَا مُحَمَّدُ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ كَلَّمْنَا مُوسَى فَنَادَيْنَا أُمَّتَكَ، وَسَيَأْتِي مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا وَيُقَوِّيهِ وَيُرَجِّحُهُ فِي آخِرِ الْبَحْثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ أَيْ: وَلَكِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ رحمة منا بكم، وقيل: ولكن أَرْسَلَنَا بِالْقُرْآنِ رَحْمَةً لَكُمْ، وَقِيلَ: عَلَّمْنَاكَ، وَقِيلَ: عَرَّفْنَاكَ. قَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ مَنْصُوبٌ: يَعْنِي: رَحْمَةً عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ: وَلَكِنْ رَحِمْنَاكَ رَحْمَةً. وَقَالَ الزجاج: هو مفعول

[1] الحديد: 16.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست