responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 186
إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها إِنْ هِيَ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَاسْمُهَا ضَمِيرُ شَأْنٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: إِنَّهَا كَادَتْ لَتُظْهِرُ أَمْرَ مُوسَى، وَأَنَّهُ ابْنُهَا مِنْ فَرْطِ مَا دَهَمَهَا مِنَ الدَّهَشِ، وَالْخَوْفِ وَالْحُزْنِ، مِنْ بَدَا يَبْدُو:
إِذَا ظَهَرَ، وَأَبْدَى يُبْدِي: إِذَا أَظْهَرَ، وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي بِهِ عَائِدٌ إِلَى الْوَحْيِ الَّذِي أُوحِيَ إِلَيْهَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِنْ كَانَتْ لَتُبْدِي بِاسْمِهِ لِضِيقِ صَدْرِهَا، لَوْلَا أَنْ رَبْطَنَا عَلَى قَلْبِهَا. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَمَعْنَى الرَّبْطِ عَلَى الْقَلْبِ: إِلْهَامُ الصَّبْرِ وَتَقْوِيَتُهُ، وَجَوَابُ لَوْلَا مَحْذُوفٌ، أَيْ: لَوْلَا أَنْ رَبْطَنَا عَلَى قَلْبِهَا لَأَبْدَتْ، وَاللَّامُ فِي لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مُتَعَلِّقٌ بِرَبْطِنَا، وَالْمَعْنَى: رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُصَدِّقِينَ بِوَعْدِ اللَّهِ وَهُوَ قَوْلُهُ:
«إنا رادوه إليك» . وقيل: وَالْبَاءُ فِي: «لَتُبْدِي بِهِ» زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ. وَالْمَعْنَى: لتبديه كما تقول أخذت الحبل وبالحبل. وَقِيلَ الْمَعْنَى: لَتُبْدِي الْقَوْلَ بِهِ وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ أَيْ: قَالَتْ أُمِّ مُوسَى لِأُخْتِ مُوسَى وَهِيَ مَرْيَمُ [1] قُصِّيهِ، أَيْ: تَتَبَّعِي أَثَرَهُ وَاعْرِفِي خَبَرَهُ، وَانْظُرِي أَيْنَ وَقَعَ وَإِلَى مَنْ صَارَ؟ يُقَالُ قَصَصْتُ الشَّيْءَ: إِذَا اتَّبَعْتَ أَثَرَهُ مُتَعَرِّفًا لِحَالِهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ أَيْ: أَبْصَرَتْهُ عَنْ بُعْدٍ، وَأَصْلُهُ عَنْ مَكَانِ جَنْبٍ، وَمِنْهُ الأجنبي. قال الشاعر:
فلا تحرمنّي نَائِلًا عَنْ جَنَابَةٍ ... فَإِنِّي امْرُؤٌ وَسْطَ الدِّيَارِ غَرِيبُ «2»
وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ «عَنْ جُنُبٍ» : عَنْ جَانِبٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهَا أَبْصَرَتْ إِلَيْهِ مُتَجَانِفَةً مُخَاتِلَةً، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قِرَاءَةُ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ جَانِبٍ، وَمَحَلُّ عَنْ جَنْبٍ: النَّصْبُ عَلَى الْحَالِ إِمَّا مِنَ الْفَاعِلِ، أَيْ: بَصُرَتْ بِهِ مُسْتَخْفِيَةً كَائِنَةً عَنْ جَنْبٍ، وَإِمَّا مِنَ الْمَجْرُورِ، أَيْ: بَعِيدًا مِنْهَا. قَرَأَ الْجُمْهُورُ «بَصُرَتْ» بِهِ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّ الصَّادِ، وَقَرَأَ قَتَادَةُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ بِكَسْرِهَا، قَالَ الْمُبَرِّدُ: أَبْصَرَتْهُ وَبَصُرَتْ بِهِ بِمَعْنًى، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ «عَنْ جُنُبٍ» بِضَمَّتَيْنِ، وَقَرَأَ قَتَادَةُ وَالْحَسَنُ وَالْأَعْرَجُ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ، وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ أَيْضًا أَنَّهُ قَرَأَ بِفَتْحِهِمَا. وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا أَنَّهُ قَرَأَ بِضَمِّ الْجِيمِ، وسكون النون. وقال أبو عمرو ابن الْعَلَاءِ: إِنَّ مَعْنَى «عَنْ جُنُبٍ» عَنْ شَوْقٍ. قَالَ: وَهِيَ لُغَةُ جُذَامَ يَقُولُونَ: جَنَّبْتُ إِلَيْكَ، أَيِ: اشْتَقْتُ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ أَنَّهَا تَقُصُّهُ، وَتَتَّبِعُ خَبَرَهُ، وَأَنَّهَا أُخْتُهُ وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ الْمَرَاضِعُ جَمْعُ مُرْضِعٍ، أَيْ: مَنَعْنَاهُ أَنْ يَرْضَعَ مِنَ الْمُرْضِعَاتِ. وَقِيلَ: الْمَرَاضِعُ جَمْعُ مَرْضَعٍ بِفَتْحِ الضَّادِ، وَهُوَ الرِّضَاعُ أَوْ مَوْضِعُهُ، وَهُوَ الثَّدْيُ، وَمَعْنَى مِنْ قَبْلُ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَرُدَّهُ إِلَى أُمِّهِ، أَوْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَهُ أُمُّهُ، أَوْ مِنْ قَبْلِ قَصِّهَا لِأَثَرِهِ، وَقَدْ كَانَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ طَلَبَتْ لِمُوسَى الْمُرْضِعَاتِ لِيُرْضِعْنَهُ، فَلَمْ يَرْضَعْ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَعِنْدَ ذلك فَقالَتْ أَيْ: أُخْتُهُ لَمَّا رَأَتِ امْتِنَاعَهُ مِنَ الرِّضَاعِ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ أَيْ: يَضْمَنُونَ لَكُمُ الْقِيَامَ بِهِ، وَإِرْضَاعَهُ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ أَيْ: مُشْفِقُونَ عَلَيْهِ لَا يُقَصِّرُونَ فِي إِرْضَاعِهِ وَتَرْبِيَتِهِ. وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: فَقَالُوا لَهَا مَنْ هُمْ؟ فَقَالَتْ أُمِّي، فَقِيلَ لَهَا: وَهَلْ لِأُمِّكِ لَبَنٌ؟ قَالَتْ نَعَمْ لَبَنُ أَخِي هَارُونَ: فَدَلَّتْهُمْ عَلَى أُمِّ مُوسَى فَدَفَعُوهُ إِلَيْهَا، فَقَبِلَ ثَدْيَهَا، وَرَضِعَ مِنْهُ، وَذَلِكَ مَعْنَى

[1] هي مريم بنت عمران وافق اسمها اسم مريم أم عيسى عليه السلام.
(2) . البيت لعلقمة بن عبدة، قاله يخاطب به الحارث بن جبلة يمدحه، وكان أسر أخاه شأسا ...
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 186
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست