responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 169
يُمْكِنُ الِاسْتِقْرَارُ عَلَيْهَا. وَقِيلَ: هَذِهِ الْجُمْلَةُ وَمَا بَعْدَهَا مِنَ الْجُمَلِ الثَّلَاثِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: «أمن خلق السموات وَالْأَرْضَ» وَلَا مُلْجِئَ لِذَلِكَ، بَلْ هِيَ وَمَا بَعْدَهَا إِضْرَابٌ، وَانْتِقَالٌ مِنَ التَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيعِ بِمَا قَبْلَهَا، إِلَى التَّوْبِيخِ وَالتَّقْرِيعِ بِشَيْءٍ آخَرَ وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً الْخِلَالُ: الْوَسَطُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ في قوله: وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً [1] وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ أَيْ: جِبَالًا ثَوَابِتَ تُمْسِكُهَا، وَتَمْنَعُهَا مِنَ الْحَرَكَةِ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً الْحَاجِزُ: الْمَانِعُ، أَيْ: جَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ مِنْ قُدْرَتِهِ حَاجِزًا، وَالْبَحْرَانِ هُمَا: الْعَذْبُ وَالْمَالِحُ، فَلَا يختلط أحدها بِالْآخَرِ، فَلَا هَذَا يُغَيِّرُ ذَاكَ، وَلَا ذَاكَ يَدْخُلُ فِي هَذَا، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ أَيْ: إِذَا أثبت أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا اللَّهُ فَهَلْ إِلَهٌ فِي الْوُجُودِ يَصْنَعُ صُنْعَهُ وَيَخْلُقُ خَلْقَهُ؟
فَكَيْفَ يُشْرِكُونَ بِهِ مَا لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ تَوْحِيدُ رَبِّهِمْ، وَسُلْطَانُ قُدْرَتِهِ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ هذا الاستدلال مِنْهُ سُبْحَانَهُ، بِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ إِلَيْهِ عَلَى الْعُمُومِ، والمضطر: اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ الِاضْطِرَارِ: وَهُوَ الْمَكْرُوبُ الْمَجْهُودُ الَّذِي لَا حَوْلَ لَهُ وَلَا قُوَّةَ. وَقِيلَ: هُوَ الْمُذْنِبُ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي عَرَاهُ ضُرٌّ مِنْ فَقْرٍ أَوْ مَرَضٍ، فَأَلْجَأَهُ إِلَى التَّضَرُّعِ إِلَى اللَّهِ. وَاللَّامُ فِي الْمُضْطَرِّ لِلْجِنْسِ لَا لِلِاسْتِغْرَاقِ، فَقَدْ لَا يُجَابُ دُعَاءُ بَعْضِ الْمُضْطَرِّينَ، لِمَانِعٍ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، بِسَبَبٍ يُحْدِثُهُ الْعَبْدُ، يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إِجَابَةِ دُعَائِهِ، وَإِلَّا فَقَدَ ضَمِنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ إِجَابَةَ دُعَاءِ الْمُضْطَرِّ إِذَا دَعَاهُ، وَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ، وَالْوَجْهُ فِي إجابة الْمُضْطَرِّ أَنَّ ذَلِكَ الِاضْطِرَارَ الْحَاصِلَ لَهُ يَتَسَبَّبُ عَنْهُ الْإِخْلَاصُ، وَقَطْعُ النَّظَرِ عَمَّا سِوَى اللَّهِ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُ يُجِيبُ دُعَاءَ الْمُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، وَإِنْ كَانُوا كَافِرِينَ فَقَالَ: حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ [2] وَقَالَ: فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ [3] فَأَجَابَهُمْ عِنْدَ ضَرُورَتِهِمْ، وَإِخْلَاصِهِمْ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ سَيَعُودُونَ إِلَى شِرْكِهِمْ وَيَكْشِفُ السُّوءَ أَيِ: الَّذِي يَسُوءُ الْعَبْدَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، وَقِيلَ: هُوَ الضُّرُّ، وَقِيلَ: هُوَ الْجَوْرُ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَيْ: يَخْلُفُ كُلُّ قَرْنٍ مِنْكُمُ الْقَرْنَ الَّذِي قَبْلَهُ بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ، وَالْمَعْنَى: يُهْلِكُ قَرْنًا، وَيُنْشِئُ آخَرِينَ، وَقِيلَ: يَجْعَلُ أَوْلَادَكُمْ خَلَفًا مِنْكُمْ، وَقِيلَ: يَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ خَلَفًا مِنَ الْكُفَّارِ، يَنْزِلُونَ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ الَّذِي يُوَلِّيكُمْ هَذِهِ النِّعَمَ الْجِسَامَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ أَيْ: تَذَكُّرًا قَلِيلًا مَا تَذْكُرُونَ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِالْفَوْقِيَّةِ عَلَى الْخِطَابِ، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَهِشَامٌ وَيَعْقُوبُ بِالتَّحْتِيَّةِ عَلَى الْخَبَرِ رَدًّا عَلَى قَوْلِهِ: «بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» وَاخْتَارَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ أَبُو حَاتِمٍ أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ أَيْ: يُرْشِدُكُمْ فِي اللَّيَالِي الْمُظَلَّمَاتِ إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْبَرِّ أَوِ الْبَحْرِ. وَقِيلَ الْمُرَادُ: مَفَاوِزُ الْبَرِّ الَّتِي لَا أَعْلَامَ لَهَا، وَلُجَجُ الْبِحَارِ، وَشَبَّهَهَا بِالظُّلُمَاتِ لِعَدَمِ مَا يَهْتَدُونَ بِهِ فِيهَا وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَالْمُرَادُ بِالرَّحْمَةِ هُنَا: الْمَطَرُ، أَيْ: يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بَيْنَ يَدَيِ الْمَطَرِ، وَقَبْلَ نُزُولِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَيُوجِدُهُ تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أَيْ: تَنَزَّهَ وَتَقَدَّسَ عَنْ وُجُودِ مَا يَجْعَلُونَهُ شريكا له أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ كَانُوا يُقِرُّونَ بِأَنَّ اللَّهَ سبحانه هو الخالق فألزمهم

[1] الكهف: 33.
[2] يونس: 22.
[3] العنكبوت: 65. [.....]
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 169
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست