responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 145
لمعانيه لمن يقرؤه، أَوْ هُوَ مِنْ أَبَانَ بِمَعْنَى: بَانَ مَعْنَاهُ، وَاتَّضَحَ إِعْجَازُهُ بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَلَاغَةِ. وَقُدِّمَ وَصْفُ الْقُرْآنِيَّةِ هُنَا، نَظَرًا إِلَى تَقَدُّمِ حال القرآنية على حال الكتابية وأخّره في سورة فَقَالَ: الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ [1] نَظَرًا إِلَى حَالَتِهِ الَّتِي قَدْ صَارَ عَلَيْهَا، فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ، وَالْكِتَابَةُ سَبَبُ الْقِرَاءَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا تَعْرِيفُ الْقُرْآنِ هُنَا، وَتَنْكِيرُ الْكِتَابِ، وَتَعْرِيفُ الْكِتَابِ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ، وَتَنْكِيرُ الْقُرْآنِ فَلِصَلَاحِيَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلتَّعْرِيفِ وَالتَّنْكِيرِ هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْآيَاتِ أَوْ مِنَ الْكِتَابِ، أَيْ: تِلْكَ آيَاتٌ هَادِيَةٌ وَمُبَشِّرَةٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ، أَيْ: هُوَ هُدًى، أَوْ هُمَا خَبِرَانِ آخَرَانِ لِتِلْكَ، أَوْ هُمَا مَصْدَرَانِ مَنْصُوبَانِ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ: يَهْدِي هُدًى وَيُبَشِّرُ بُشْرًى. ثُمَّ وَصَفَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لَهُمُ الْهُدَى وَالْبُشْرَى فَقَالَ: الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمَوْصُولُ فِي مَحَلِّ جَرٍّ، أَوْ يَكُونُ بَدَلًا أَوْ بَيَانًا، أَوْ مَنْصُوبًا عَلَى الْمَدْحِ، أَوْ مَرْفُوعًا عَلَى تَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ. وَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْمُرَادُ بِالزَّكَاةِ: الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ، وَجُمْلَةُ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَكَرَّرَ الضَّمِيرَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْحَصْرِ، أَيْ: لَا يُوقِنُ بِالْآخِرَةِ حَقَّ الْإِيقَانِ إِلَّا هَؤُلَاءِ الْجَامِعُونَ بَيْنَ الْإِيمَانِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَجَعَلَ الْخَبَرَ مضارعا لِلدَّلَالَةِ عَلَى التَّجَدُّدِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَعَدَمِ الِانْقِطَاعِ. ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ أَهْلَ السَّعَادَةِ ذَكَرَ بَعْدَهَمْ أَهْلَ الشَّقَاوَةِ فَقَالَ: إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمُ الْكُفَّارُ، أَيْ: لَا يُصَدِّقُونَ بِالْبَعْثِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ قِيلَ: الْمُرَادُ زَيَّنَ اللَّهُ لَهُمْ أَعْمَالَهُمُ السَّيِّئَةَ حَتَّى رَأَوْهَا حَسَنَةً. وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّ اللَّهَ زَيَّنَ لَهُمُ الْأَعْمَالَ الْحَسَنَةَ، وَذَكَرَ لَهُمْ مَا فِيهَا مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَلَمْ يَقْبَلُوا ذَلِكَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّا جَعَلْنَا جَزَاءَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ أَنْ زَيَّنَّا لَهُمْ مَا هُمْ فِيهِ فَهُمْ يَعْمَهُونَ أَيْ: يَتَرَدَّدُونَ فِيهَا، مُتَحَيِّرِينَ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ، لَا يَهْتَدُونَ إِلَى طَرِيقَةٍ، وَلَا يَقِفُونَ عَلَى حَقِيقَةٍ. وَقِيلَ: مَعْنَى يَعْمَهُونَ: يَتَمَادَوْنَ. وَقَالَ قَتَادَةُ:
يَلْعَبُونَ، وَفِي مَعْنَى التَّحَيُّرِ. قَالَ الشَّاعِرُ:
ومهمه أطرافه في مهمه ... أعمى الهدى بالحائرين الْعُمَّهِ
وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: أُوْلئِكَ إِلَى الْمَذْكُورِينَ قَبْلَهُ، وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ قِيلَ: فِي الدُّنْيَا، كَالْقَتْلِ، وَالْأَسْرِ، وَوَجْهُ تَخْصِيصِهِ بِعَذَابِ الدنيا، قوله بعده: وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ أَيْ: هُمْ أَشَدُّ النَّاسِ خُسْرَانًا، وَأَعْظَمُهُمْ خَيْبَةً، ثُمَّ مَهَّدَ سُبْحَانَهُ مُقَدِّمَةً نَافِعَةً لِمَا سَيَذْكُرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ الْعَجِيبَةِ، فَقَالَ: وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ أَيْ: يُلْقَى عَلَيْكَ فَتَلْقَاهُ، وَتَأْخُذَهُ مِنْ لَدُنْ كَثِيرِ الْحِكْمَةِ، وَالْعَلَمِ، قِيلَ: إِنَّ لَدُنْ هَاهُنَا: بِمَعْنَى عِنْدَ. وَفِيهَا لُغَاتٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ الظَّرْفُ مَنْصُوبٌ بِمُضْمَرٍ وَهُوَ ذاكر. قَالَ الزَّجَّاجُ: مَوْضِعُ إِذْ نَصْبٌ، الْمَعْنَى: اذْكُرْ إِذْ قَالَ مُوسَى، أَيِ: اذْكُرْ قِصَّتَهُ إِذْ قَالَ لِأَهْلِهِ، وَالْمُرَادُ بِأَهْلِهِ: امْرَأَتُهُ فِي مَسِيرِهِ مِنْ مَدْيَنَ إِلَى مِصْرَ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِذْ ذَاكَ إِلَّا زَوْجَتُهُ بِنْتُ شُعَيْبٍ، فَكَنَّى عَنْهَا بِلَفْظِ الْأَهْلِ، الدَّالِّ عَلَى الْكَثْرَةِ، وَمِثْلُهُ قوله: امْكُثُوا ومعنى

[1] الحجر: 1.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست