responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 114
لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ أَيْ: لِمَنْ حَوْلَهُ مِنَ الْأَشْرَافِ، أَلَا تَسْتَمِعُونَ مَا قَالَهُ، يَعْنِي: مُوسَى مُعَجِّبًا لَهُمْ مِنْ ضَعْفِ الْمَقَالَةِ كَأَنَّهُ قَالَ: أَتَسْمَعُونَ وَتَعْجَبُونَ، وَهَذَا مِنَ اللَّعِينِ مُغَالَطَةٌ، لَمَّا لَمْ يَجِدْ جَوَابًا عَنِ الْحُجَّةِ الَّتِي أَوْرَدَهَا عَلَيْهِ مُوسَى، فَلَمَّا سَمِعَ مُوسَى مَا قال فرعون، أو رد عَلَيْهِ حَجَّةً أُخْرَى، هِيَ مُنْدَرِجَةٌ تَحْتَ الْحُجَّةِ الْأُولَى، وَلَكِنَّهَا أَقْرَبُ إِلَى فَهْمِ السَّامِعِينَ لَهُ قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ فَأَوْضَحَ لَهُمْ أَنَّ فِرْعَوْنَ مَرْبُوبٌ لَا رَبٌّ كَمَا يَدَّعِيهِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ هَذَا الرَّبَّ الَّذِي أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ، هُوَ الَّذِي خَلَقَ آبَاءَكُمُ الْأَوَّلِينَ وَخَلَقَكُمْ، فَكَيْفَ تَعْبُدُونَ مَنْ هُوَ وَاحِدٌ مِنْكُمْ، مَخْلُوقٌ كَخَلْقِكُمْ، وَلَهُ آبَاءٌ قَدْ فَنَوْا كَآبَائِكُمْ، فَلَمْ يُجِبْهُ فِرْعَوْنُ عِنْدَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ يُعْتَدُّ بِهِ، بَلْ جَاءَ بِمَا يُشَكِّكُ قَوْمَهُ وَيُخَيِّلُ إِلَيْهِمْ أَنَّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ مُوسَى مِمَّا لَا يَقُولُهُ الْعُقَلَاءُ، فَ قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ قَاصِدًا بِذَلِكَ الْمُغَالَطَةَ، وَإِيقَاعَهُمْ فِي الْحَيْرَةِ، مُظْهِرًا أَنَّهُ مُسْتَخِفٌّ بِمَا قَالَهُ مُوسَى، مستهزىء بِهِ، فَأَجَابَهُ مُوسَى عِنْدَ ذَلِكَ بِمَا هُوَ تَكْمِيلٌ لِجَوَابِهِ الْأَوَّلِ، فَ قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما وَلَمْ يَشْتَغِلْ مُوسَى بِدَفْعِ مَا نَسَبَهُ إِلَيْهِ مِنَ الْجُنُونِ، بَلْ بَيَّنَ لِفِرْعَوْنَ شُمُولَ رُبُوبِيَّةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِلْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَمَا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ دَاخِلًا تَحْتَ رُبُوبِيَّتِهِ سُبْحَانَهُ لِلسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَمَا بَيْنَهُمَا، لَكِنْ فيه تصريح بإسناد حركات السموات وَمَا فِيهَا، وَتَغْيِيرِ أَحْوَالِهَا وَأَوْضَاعِهَا، تَارَةً بِالنُّورِ، وَتَارَةً بِالظُّلْمَةِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَتَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ في وَما بَيْنَهُما الأوّل لجنسي السموات وَالْأَرْضِ كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
تَنَقَّلْتُ فِي أَشْرَفِ التَّنَقُّلِ ... بَيْنَ رِمَاحَيْ نَهْشَلٍ وَمَالِكٍ
إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ أَيْ: شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ، أَوْ إِنْ كُنْتُمْ مِنْ أَهْلِ الْعَقْلِ، أَيْ: إِنْ كُنْتَ يَا فِرْعَوْنُ، وَمِنْ مَعَكَ مِنَ الْعُقَلَاءِ عَرَفْتَ وَعَرَفُوا أَنَّهُ لَا جَوَابَ لِسُؤَالِكَ إِلَّا مَا ذَكَرْتُ لَكَ. ثُمَّ إِنَّ اللَّعِينَ لَمَّا انْقَطَعَ عَنِ الْحُجَّةِ رَجَعَ إِلَى الِاسْتِعْلَاءِ وَالتَّغَلُّبِ، فَ قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ أَيْ: لَأَجْعَلَنَّكَ مِنْ أَهْلِ السِّجْنِ، وَكَانَ سِجْنُ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ مِنَ الْقَتْلِ لِأَنَّهُ إِذَا سَجَنَ أَحَدًا لَمْ يُخْرِجْهُ حَتَّى يَمُوتَ، فَلَمَّا سَمِعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَلِكَ لَاطَفَهُ طَمَعًا فِي إِجَابَتِهِ وَإِرْخَاءً لِعِنَانِ الْمُنَاظَرَةِ مَعَهُ، مُرِيدًا لِقَهْرِهِ بِالْحُجَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي بَابِ النُّبُوَّةِ، وَهِيَ إِظْهَارُ الْمُعْجِزَةِ، فَعَرَضَ لَهُ عَلَى وَجْهٍ يُلْجِئُهُ إِلَى طَلَبِ الْمُعْجِزَةِ فَ قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ أَيْ: أَتَجْعَلُنِي مِنَ الْمَسْجُونِينَ، وَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ يَتَبَيَّنُ بِهِ صِدْقِي، وَيَظْهَرُ عِنْدَهُ صِحَّةُ دَعْوَايَ، وَالْهَمْزَةُ: هُنَا لِلِاسْتِفْهَامِ، وَالْوَاوُ: لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ كَمَا مَرَّ مِرَارًا، فَلَمَّا سمع فرعون ذلك طلب ما عرضه مُوسَى فَ قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فِي دَعْوَاكَ، وَهَذَا الشَّرْطُ: جَوَابُهُ مَحْذُوفٌ، لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَبْرَزَ مُوسَى الْمُعْجِزَةَ فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ، وَاشْتِقَاقُ الثُّعْبَانِ مِنْ ثَعَبْتُ الْمَاءَ فِي الْأَرْضِ فَانْثَعَبَ: أَيْ فَجَّرْتُهُ فَانْفَجَرَ، وَقَدْ عَبَّرَ سُبْحَانَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَكَانَ الثُّعْبَانِ: بِالْحَيَّةِ بِقَوْلِهِ فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى [1] وفي موضع: بالجانّ، فقال: كَأَنَّها جَانٌّ [2] وَالْجَانُّ: هُوَ الْمَائِلُ إِلَى الصِّغَرِ، وَالثُّعْبَانُ: هُوَ المائل إلى الكبر، والحية: جنس يشمل

[1] طه: 20.
[2] النمل: 10.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 4  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست