responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 82
يَكُونُ تَائِبًا، وَلِهَذَا قِيلَ: إِنَّهَا فِي عُصَاةِ الْمُوَحِّدِينَ خَاصَّةً. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْمَغْفِرَةِ هُنَا تَأْخِيرُ الْعِقَابِ إِلَى الْآخِرَةِ لِيُطَابِقَ مَا حَكَاهُ اللَّهُ مِنَ اسْتِعْجَالِ الْكُفَّارِ لِلْعُقُوبَةِ، وَكَمَا تُفِيدُهُ الْجُمْلَةُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ، وَهِيَ: وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ يُعَاقِبُ الْعُصَاةَ الْمُكَذِّبِينَ مِنَ الْكَافِرِينَ عِقَابًا شَدِيدًا عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ مَشِيئَتُهُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ أَيْ هَلَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ غَيْرُ مَا قَدْ جَاءَ بِهِ مِنَ الْآيَاتِ، وَهَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ الْقَائِلُونَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ هُمُ الْمُسْتَعْجِلُونَ لِلْعَذَابِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: طَلَبُوا غَيْرَ الْآيَاتِ الَّتِي أَتَى بِهَا فَالْتَمَسُوا مِثْلَ آيَاتِ مُوسَى وَعِيسَى، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ تُنْذِرُهُمْ بِالنَّارِ، وَلَيْسَ إِلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ شَيْءٌ انْتَهَى، وَهَذَا مُكَابَرَةٌ مِنَ الْكُفَّارِ وَعِنَادٌ، وَإِلَّا فَقَدَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنَ الْآيَاتِ مَا يُغْنِي الْبَعْضُ مِنْهُ، وَجَاءَ فِي: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ لِبَيَانِ أَنَّهُ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ مُرْسَلٌ لِإِنْذَارِ الْعِبَادِ، وَبَيَانِ مَا يَحْذَرُونَ عَاقِبَتَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ. وَقَدْ فَعَلَ مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَأَنْذَرَ أَبْلَغَ إِنْذَارٍ، وَلَمْ يَدْعُ شَيْئًا مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ ذَلِكَ إِلَّا أَتَى بِهِ وَأَوْضَحَهُ وَكَرَّرَهُ، فَجَزَاهُ اللَّهُ عَنْ أُمَّتِهِ خَيْرًا وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ أَيْ نَبِيٍّ يَدْعُوهُمْ إِلَى مَا فِيهِ هِدَايَتُهُمْ وَرَشَادُهُمْ، وَإِنْ لَمْ تَقَعِ الْهِدَايَةُ لَهُمْ بِالْفِعْلِ وَلَمْ يَقْبَلُوهَا، وَآيَاتُ الرُّسُلِ مُخْتَلِفَةٌ، هَذَا يَأْتِي بِآيَةٍ أَوْ آيَاتٍ لَمْ يَأْتِ بِهَا الْآخَرُ بِحَسَبِ مَا يُعْطِيهِ اللَّهُ مِنْهَا، وَمَنْ طَلَبَ مِنْ بَعْضِهِمْ مَا جَاءَ بِهِ الْبَعْضُ الْآخَرُ فَقَدْ بَلَغَ فِي التَّعَنُّتِ إِلَى مَكَانٍ عَظِيمٍ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الْآيَاتِ إِلَّا الدِّلَالَةُ عَلَى النُّبُوَّةِ لِكَوْنِهَا مُعْجِزَةً خَارِجَةً عَنِ الْقُدْرَةِ الْبَشَرِيَّةِ، وَذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِفَرْدٍ مِنْهَا وَلَا بِأَفْرَادٍ مُعَيَّنَةٍ، وَقِيلَ: إِنَّ الْمَعْنَى وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ، وَهُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّهُ الْقَادِرُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَيْسَ عَلَى أَنْبِيَائِهِ إِلَّا مُجَرَّدُ الْإِنْذَارِ اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ مَسُوقَةٌ لِبَيَانِ إِحَاطَتِهِ بِالْعِلْمِ سُبْحَانَهُ، وَعِلْمِهِ بِالْغَيْبِ الَّذِي هَذِهِ الْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ مِنْهُ. قِيلَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْمُ الشَّرِيفُ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ وَهُوَ اللَّهُ، وَجُمْلَةُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى تفسير لهاد على الوجه الأخير، وهذا بعيد جدّا، وما مَوْصُولَةٌ، أَيْ: يَعْلَمُ الَّذِي تَحْمِلُهُ كُلُّ أُنْثَى فِي بَطْنِهَا مِنْ عَلَقَةٍ، أَوْ مُضْغَةٍ، أَوْ ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى، أَوْ صَبِيحٍ، أَوْ قَبِيحٍ، أَوْ سَعِيدٍ، أَوْ شَقِيٍّ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اسْتِفْهَامِيَّةً أَيْ يَعْلَمُ أَيَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهَا، وَعَلَى أَيِّ حَالٍ هُوَ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً، أَيْ: يَعْلَمُ حَمْلَهَا وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ الْغَيْضُ النَّقْصُ: أَيْ يَعْلَمُ الَّذِي تَغِيضُهُ الْأَرْحَامُ: أَيْ تَنْقُصُهُ، وَيَعْلَمُ مَا تَزْدَادُهُ. فَقِيلَ: الْمُرَادُ نَقْصُ خِلْقَةِ الْحَمْلِ وَزِيَادَتُهُ كَنَقْصِ أُصْبُعٍ أَوْ زِيَادَتِهَا: وَقِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ نَقْصُ مُدَّةِ الْحَمْلِ عَلَى تِسْعَةِ أَشْهُرٍ، أَوْ زِيَادَتُهَا، وَقِيلَ: إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فِي حَالِ حَمْلِهَا كَانَ ذَلِكَ نَقْصًا فِي وَلَدِهَا وَقِيلَ: الْغَيْضُ: مَا تَنْقُصُهُ الْأَرْحَامُ مِنَ الدَّمِ، وَالزِّيَادَةُ مَا تَزْدَادُهُ مِنْهُ، وَ «مَا» فِي مَا تَغِيضُ، وما تَزْدَادُ، تَحْتَمِلُ الثَّلَاثَةَ الْوُجُوهِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ أَيْ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الْأَشْيَاءُ الْمَذْكُورَةُ عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِمِقْدَارٍ، وَالْمِقْدَارُ: الْقَدْرُ الَّذِي قَدَّرَهُ اللَّهُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ [1] أَيْ:
كُلُّ الْأَشْيَاءِ عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ جَارِيَةٌ عَلَى قَدَرِهِ الَّذِي قَدْ سَبَقَ وَفَرَغَ مِنْهُ، لَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ شَيْءٌ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَيْ عَالِمُ كُلَّ غَائِبٍ عَنِ الْحِسِّ، وَكُلَّ مَشْهُودٍ حَاضِرٍ، أَوْ كُلَّ مَعْدُومٍ وَمَوْجُودٍ، ولا مانع من

[1] القمر: 49.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست