responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 73
أي: ظَنَّ الْقَوْمُ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَذَبُوهُمْ فِيمَا أَخْبَرُوا بِهِ مِنَ الْعَذَابِ وَلَمْ يَصْدُقُوا. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: ظَنَّ الْقَوْمُ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَذَبُوا فِيمَا ادَّعَوْا مِنْ نَصْرِهِمْ وَقِيلَ: الْمَعْنَى: وَظَنَّ الرُّسُلُ أَنَّهَا قَدْ كَذَبَتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ حِينَ حَدَّثَتْهُمْ بِأَنَّهُمْ يُنْصَرُونَ عَلَيْهِمْ، أَوْ كَذَبَهُمْ رَجَاؤُهُمْ لِلنَّصْرِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «كُذِّبُوا» بِالتَّشْدِيدِ، وَالْمَعْنَى عَلَيْهَا وَاضِحٌ، أَيْ: ظَنَّ الرُّسُلُ بِأَنَّ قَوْمَهُمْ قَدْ كَذَّبُوهُمْ فِيمَا وَعَدُوهُمْ بِهِ مِنَ الْعَذَابِ، وَيَجُوزُ فِي هَذَا أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ ظَنَّ الْقَوْمَ الْمُرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَذَبُوا فِيمَا جَاءُوا بِهِ مِنَ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ. وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ وَحُمَيْدٌ «قَدْ كَذَبُوا» بِفَتْحِ الْكَافِ وَالذَّالِ مُخَفَّفَتَيْنِ عَلَى مَعْنَى: وَظَنَّ قَوْمُ الرُّسُلِ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَذَبُوا وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الظَّنَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِمَعْنَى الْيَقِينِ لِأَنَّ الرُّسُلَ قَدْ تَيَقَّنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُجَرَّدَ ظَنِّ مِنْهُمْ. وَالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُفَسِّرَ الظَّنَّ بِالْيَقِينِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصورة ويفسر بِمَعْنَاهُ الْأَصْلِيِّ فِيمَا يَحْصُلُ فِيهِ مُجَرَّدُ ظَنٍّ فَقَطْ مِنَ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ جاءَهُمْ نَصْرُنا أَيْ: فَجَاءَ الرُّسُلَ نَصْرُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فَجْأَةً، أَوْ جَاءَ قَوْمَ الرُّسُلِ الَّذِينَ كَذَّبُوهُمْ نَصْرُ اللَّهِ لِرُسُلِهِ بِإِيقَاعِ الْعَذَابِ عَلَى الْمُكَذِّبِينَ فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ قرأ عاصم «فَنُجِّيَ» بنون واحد. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «فَنُنْجِيَ» بِنُونَيْنِ، وَاخْتَارَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْقِرَاءَةَ الْأُولَى لِأَنَّهَا فِي مُصْحَفِ عُثْمَانَ كَذَلِكَ.
وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ «فَنَجَا» عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، فَتَكُونُ «مَنْ» عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهَا نَائِبُ الْفَاعِلِ، وَتَكُونُ عَلَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى أَنَّهَا مَفْعُولٌ، وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الثَّالِثَةِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهَا فَاعِلٌ، وَالَّذِينَ نَجَّاهُمُ اللَّهُ هُمُ الرُّسُلُ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُمْ، وَهَلَكَ الْمُكَذِّبُونَ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ عِنْدَ نُزُولِهِ بِهِمْ، وَفِيهِ بَيَانُ مَنْ يَشَاءُ اللَّهُ نَجَاتَهُ مِنَ الْعَذَابِ وَهُمْ مَنْ عَدَا هَؤُلَاءِ الْمُجْرِمِينَ لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ أَيْ قَصَصِ الرُّسُلِ ومن بعثوا إليه مِنَ الْأُمَمِ، أَوْ فِي قَصَصِ يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ وَأَبِيهِ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ وَالْعِبْرَةُ: الْفِكْرَةُ وَالْبَصِيرَةُ الْمُخَلِّصَةُ مِنَ الْجَهْلِ وَالْحَيْرَةِ. وَقِيلَ: هِيَ نَوْعٌ مِنَ الِاعْتِبَارِ، وَهِيَ الْعُبُورُ مِنَ الطَّرَفِ الْمَعْلُومِ إِلَى الطَّرَفِ الْمَجْهُولِ، وَأُولُو الْأَلْبَابِ هُمْ ذَوُو العقول السليمة الذي يَعْتَبِرُونَ بِعُقُولِهِمْ فَيَدْرُونَ مَا فِيهِ مَصَالِحُ دِينِهِمْ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا الْقَصَصُ عِبْرَةً لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِخْبَارَاتِ الْمُطَابِقَةِ لِلْوَاقِعِ مَعَ بُعْدِ المدّة بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الرُّسُلِ الَّذِينَ قُصَّ حَدِيثُهُمْ، وَمِنْهُمْ يُوسُفُ وَإِخْوَتُهُ وَأَبُوهُ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى أَخْبَارِهِمْ وَلَا اتَّصَلَ بِأَحْبَارِهِمْ مَا كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى أَيْ مَا كَانَ هَذَا الْمَقْصُوصُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ ذِكْرُ الْقَصَصِ وَهُوَ الْقُرْآنُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ أَيْ مَا قَبْلَهُ مِنَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ. وَقُرِئَ بِرَفْعِ «تَصْدِيقُ» عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: هُوَ تَصْدِيقُ وَتَفْصِيلُ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الشَّرَائِعِ الْمُجْمَلَةِ الْمُحْتَاجَةِ إِلَى تَفْصِيلِهَا لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ وَقِيلَ: تَفْصِيلُ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ قِصَّةِ يُوسُفَ مَعَ إِخْوَتِهِ وَأَبِيهِ. قِيلَ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَقْتَضِيهِ مِنَ الْعُمُومِ، بَلِ الْمُرَادُ بِهِ الْأُصُولُ والقوانين وما يؤول إِلَيْهَا وَهُدىً فِي الدُّنْيَا يَهْتَدِي بِهِ كُلُّ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ هِدَايَتَهُ وَرَحْمَةً فِي الْآخِرَةِ يَرْحَمُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ الْعَامِلِينَ بِمَا فِيهِ شَرْطُ الْإِيمَانِ الصَّحِيحِ، وَلِهَذَا قَالَ: لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ أَيْ يُصَدِّقُونَ بِهِ وَبِمَا تَضَمَّنَهُ مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَشَرَائِعِهِ وَقَدَرِهِ، وَأَمَّا مَنْ عَدَاهُمْ فَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يَهْتَدِي بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْهُدَى، فَلَا يَسْتَحِقُّ ما يستحقونه.

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 73
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست