responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 63
دَرَجَ الْأَنْبِيَاءِ مُتَفَاوِتَةٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ [1] . وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ أَيْ: وَإِنَّ الشَّأْنَ ذَلِكَ. قال أبو عبيدة: خطىء وَأَخْطَأَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْمُخْطِئُ مَنْ أَرَادَ الصَّوَابَ فَصَارَ إِلَى غَيْرِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ: الْمُجْتَهِدُ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، وَالْخَاطِئُ مَنْ تَعَمَّدَ مَا لَا يَنْبَغِي. قَالُوا هَذِهِ الْمَقَالَةُ الْمُتَضَمِّنَةُ لِلِاعْتِرَافِ بِالْخَطَأِ وَالذَّنْبِ اسْتِجْلَابًا لِعَفْوِهِ وَاسْتِجْذَابًا لِصَفْحِهِ قالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ التَّثْرِيبُ: التَّعْيِيرُ وَالتَّوْبِيخُ أَيْ: لَا تَعْيِيرَ وَلَا تَوْبِيخَ، وَلَا لَوْمَ عَلَيْكُمْ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: ثَرَّبْتُ عَلَيْهِ: قَبَّحْتُ عَلَيْهِ فِعْلَهُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى لَا إِفْسَادَ لِمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنَ الْحُرْمَةِ وَحَقِّ الْأُخُوَّةِ، وَلَكُمْ عِنْدِي الصُّلْحُ وَالْعَفْوُ، وَأَصْلُ التَّثْرِيبِ الْإِفْسَادُ، وَهِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: مَعْنَاهُ قَدِ انْقَطَعَ عَنْكُمْ تَوْبِيخِي عِنْدَ اعْتِرَافِكُمْ بِالذَّنْبِ. قَالَ ثَعْلَبٌ: ثَرَّبَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ إِذَا عَدَّدَ عَلَيْهِ ذُنُوبَهُ، وَأَصْلُ التَّثْرِيبِ مِنَ الثَّرْبِ، وَهُوَ الشَّحْمُ الَّذِي هُوَ غَاشِيَةُ الْكَرِشِ، وَمَعْنَاهُ إِزَالَةُ التَّثْرِيبِ، كَمَا أَنَّ التَّجْلِيدَ وَالتَّقْرِيعَ إِزَالَةُ الْجِلْدِ وَالْقَرَعِ وَانْتِصَابُ الْيَوْمَ بِالتَّثْرِيبِ أَيْ: لَا أُثَرِّبُ عَلَيْكُمْ أَوْ مُنْتَصِبٌ بِالْعَامِلِ الْمُقَدَّرِ فِي عَلَيْكُمْ وَهُوَ مُسْتَقِرٌّ أَوْ ثَابِتٌ أَوْ نَحْوُهُمَا، أَيْ: لَا تَثْرِيبَ مُسْتَقِرٌّ أَوْ ثَابِتٌ عَلَيْكُمْ. وَقَدْ جَوَّزَ الْأَخْفَشُ الْوَقْفَ عَلَى عَلَيْكُمُ فَيَكُونُ الْيَوْمَ مُتَعَلِّقٌ بِالْفِعْلِ الَّذِي بَعْدَهُ. وَقَدْ ذَكَرَ مِثْلَ هَذَا ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ، ثُمَّ دَعَا لَهُمْ بِقَوْلِهِ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ عَلَى تَقْدِيرِ الْوَقْفِ عَلَى الْيَوْمَ، أَوْ أَخْبَرَهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَهُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَلَى تَقْدِيرِ الْوَقْفِ عَلَى عَلَيْكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ يَرْحَمُ عِبَادَهُ رَحْمَةً لَا يَتَرَاحَمُونَ بِهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَيُجَازِي مُحْسِنَهُمْ وَيَغْفِرُ لِمُسِيئِهِمْ. قَوْلُهُ: اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا قِيلَ: هَذَا الْقَمِيصُ هُوَ الْقَمِيصُ الَّذِي أَلْبَسَهُ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَكَسَاهُ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ، وَكَسَاهُ إِسْحَاقُ يَعْقُوبَ. وَكَانَ يَعْقُوبُ أَدْرَجَ هذا القميص في صبة [2] وَعَلَّقَهُ فِي عُنُقِ يُوسُفَ لَمَّا كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِ مِنَ الْعَيْنِ، فَأَخْبَرَ جِبْرِيلُ يُوسُفَ أَنْ يُرْسِلَ بِهِ إِلَى يَعْقُوبَ لِيَعُودَ عَلَيْهِ بَصَرُهُ لِأَنَّ فِيهِ رِيحَ الْجَنَّةِ، وَرِيحُ الْجَنَّةِ لَا يَقَعُ عَلَى سَقِيمٍ إِلَّا شُفِيَ وَلَا مُبْتَلًى إِلَّا عُوفِيَ فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً أي يصير بَصِيرًا، عَلَى أَنَّ «يَأْتِ» هِيَ الَّتِي مِنْ أَخَوَاتِ كَانَ، قَالَ الْفَرَّاءُ: يَرْجِعُ بَصِيرًا. وَقَالَ السدّي: يعود بَصِيرًا.
وَقِيلَ مَعْنَاهُ: يَأْتِ إِلَيَّ إِلَى مِصْرَ وَهُوَ بَصِيرٌ قَدْ ذَهَبَ عَنْهُ الْعَمَى، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ أَيْ جَمِيعِ مَنْ شَمَلَهُ لَفْظُ الْأَهْلِ مِنَ النِّسَاءِ وَالذَّرَارِيِّ، قِيلَ: كَانُوا نَحْوَ سَبْعِينَ، وَقِيلَ: ثَلَاثَةً وَتِسْعِينَ وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ أَيْ خَرَجَتْ مُنْطَلِقَةً مِنْ مِصْرَ إِلَى الشَّامِ. يُقَالُ: فَصَلَ فُصُولًا، وَفَصَلْتُهُ فَصْلًا، لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ، وَيُقَالُ: فَصَلَ مِنَ الْبَلَدِ فُصُولًا: إِذَا انْفَصَلَ عَنْهُ وَجَاوَزَ حِيطَانَهُ قالَ أَبُوهُمْ أَيْ يَعْقُوبُ لِمَنْ عِنْدَهُ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ مِنْ أَهْلِهِ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ قِيلَ: إِنَّهَا هَاجَتْ رِيحٌ فَحَمَلَتْ رِيحَ الْقَمِيصَ إِلَى يَعْقُوبَ مَعَ طُولِ الْمَسَافَةِ، فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا وَجَدَ. ثُمَّ قَالَ: لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ لَوْلَا أَنْ تَنْسُبُونِي إِلَى الْفَنَدِ، وَهُوَ ذَهَابُ الْعَقْلِ مِنَ الْهَرَمِ، يُقَالُ أَفْنَدَ الرَّجُلُ: إِذَا خَرِفَ وَتَغَيَّرَ عَقْلُهُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لَوْلَا أَنْ تُسَفِّهُونِ، فَجَعَلَ الْفَنَدَ السَّفَهَ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: لَوْلَا أَنْ تُجَهِّلُونِ، فَجَعَلَ الْفَنَدَ الْجَهْلَ، وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ قال إنه السفه قول النابغة:

[1] البقرة: 253.
[2] في تفسير القرطبي (9/ 258) : قصبة من فضة.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 63
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست