responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 534
مَحَلُّ ذلِكَ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: الْأَمْرُ ذَلِكَ، أَوْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، أَوْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: افْعَلُوا ذَلِكَ، وَالْمُشَارُ إِلَيْهِ هُوَ مَا سَبَقَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ، وَهَذَا وَأَمْثَالُهُ يُطْلَقُ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ أَوْ بَيْنَ طَرَفَيْ كَلَامٍ وَاحِدٍ، وَالْحُرُمَاتُ: جَمْعُ حُرْمَةٍ. قَالَ الزَّجَّاجُ: الْحُرْمَةُ مَا وَجَبَ الْقِيَامُ بِهِ وَحُرِّمَ التَّفْرِيطُ فِيهِ، وَهِيَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا نُهِيَ عَنْهَا وَمُنِعَ مِنَ الْوُقُوعِ فِيهَا. وَالظَّاهِرُ مِنَ الْآيَةِ عُمُومُ كُلِّ حُرْمَةٍ فِي الْحَجِّ وَغَيْرِهِ كَمَا يفيده اللفظ وإن كانا السَّبَبُ خَاصًّا، وَتَعْظِيمُهَا تَرْكُ مُلَابَسَتِهَا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ أَيْ: فَالتَّعْظِيمُ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ يَعْنِي فِي الْآخِرَةِ مِنَ التَّهَاوُنِ بِشَيْءٍ مِنْهَا. وَقِيلَ: إِنَّ صِيغَةَ التَّفْضِيلِ هُنَا لَا يُرَادُ بها معناه الْحَقِيقِيُّ، بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ التَّعْظِيمَ خَيْرٌ يُنْتَفَعُ بِهِ، فَهِيَ عِدَةٌ بِخَيْرٍ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ إِلَّا مَا يُتْلى عَلَيْكُمْ أَيْ: فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَهِيَ الْمَيْتَةُ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ. وَقِيلَ: فِي قَوْلِهِ: إِلَّا مَا يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [1] . فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ الرِّجْسُ: الْقَذَرُ، وَالْوَثَنُ: التِّمْثَالُ، وَأَصْلُهُ مِنْ وَثَنَ الشَّيْءَ، أَيْ: أَقَامَ فِي مَقَامِهِ، وَسُمِّيَ الصَّلِيبُ وَثَنًا لِأَنَّهُ يُنْصَبُ وَيُرْكَزُ فِي مَقَامِهِ، فَلَا يَبْرَحُ عَنْهُ وَالْمُرَادُ اجْتِنَابُ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَسَمَّاهَا رِجْسًا لِأَنَّهَا سَبَبُ الرِّجْسِ، وَهُوَ الْعَذَابُ. وَقِيلَ: جَعَلَهَا سُبْحَانَهُ رِجْسًا حُكْمًا، وَالرِّجْسُ: النَّجَسُ، وَلَيْسَتِ النَّجَاسَةُ وَصْفًا ذَاتِيًّا لَهَا وَلَكِنَّهَا وَصْفٌ شَرْعِيٌّ، فَلَا تَزُولُ إِلَّا بِالْإِيمَانِ، كَمَا أَنَّهَا لَا تَزُولُ النَّجَاسَةُ الْحِسِّيَّةُ إِلَّا بِالْمَاءِ.
قَالَ الزَّجَّاجُ: «مِنْ» هُنَا لِتَخْلِيصِ جِنْسٍ مِنْ أَجْنَاسٍ، أَيْ: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ الَّذِي هُوَ وَثَنٌ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ الَّذِي هُوَ الْبَاطِلُ، وَسُمِّيَ زُورًا لِأَنَّهُ مَائِلٌ عَنِ الْحَقِّ، ومنه قوله تعالى: تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ [2] ، وَقَوْلُهُمْ مَدِينَةٌ زَوْرَاءَ، أَيْ: مَائِلَةٌ، وَالْمُرَادُ هُنَا قَوْلُ الزُّورِ عَلَى الْعُمُومِ، وَأَعْظَمُهُ الشِّرْكُ بِاللَّهِ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمُرَادُ بِقَوْلِ الزُّورِ هَاهُنَا تَحْلِيلُهُمْ بَعْضَ الْأَنْعَامِ وَتَحْرِيمُهُمْ بَعْضَهَا، وَقَوْلُهُمْ: هَذَا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ [3] ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ شَهَادَةُ الزُّورِ، وَانْتِصَابُ حُنَفاءَ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: مُسْتَقِيمِينَ عَلَى الْحَقِّ، أَوْ مَائِلِينَ إِلَى الْحَقِّ. وَلَفْظُ حُنَفَاءَ مِنَ الْأَضْدَادِ، يَقَعُ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ، وَيَقَعُ عَلَى الْمَيْلِ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ حُجَّاجًّا، وَلَا وَجْهَ لِهَذَا غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ هُوَ حَالٌ كَالْأَوَّلِ، أَيْ: غَيْرُ مُشْرِكِينَ بِهِ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ كَمَا يُفِيدُهُ الْحَذْفُ مِنَ الْعُمُومِ، وَجُمْلَةُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ مُبْتَدَأَةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الْأَمْرِ بِالِاجْتِنَابِ، وَمَعْنَى خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ: سَقَطَ إِلَى الْأَرْضِ، أَيْ: انْحَطَّ مِنْ رَفِيعِ الْإِيمَانِ إِلَى حَضِيضِ الْكُفْرِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ، يُقَالُ: خَطَفَهُ يَخْطَفُهُ إِذَا سَلَبَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ أَيْ: تَخْطَفُ لَحْمَهُ وَتَقْطَعُهُ بِمَخَالِبِهَا. قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَنَافِعٌ بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْخَاءِ، وَقُرِئَ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَالطَّاءِ وَبِكَسْرِ التَّاءِ مَعَ كَسْرِهِمَا أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ أَيْ: تَقْذِفُهُ وَتَرْمِي بِهِ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ أَيْ: بِعِيدٍ، يُقَالُ: سحق يسحق سحقا فهو سحيق إِذَا بَعُدَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّ بُعْدَ مَنْ أَشْرَكَ بِهِ مِنَ الْحَقِّ كَبُعْدِ مَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ، فَتَذْهَبُ بِهِ الطَّيْرُ، أَوْ هَوَتْ بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ بَعِيدٍ ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْإِشَارَةِ قَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَالشَّعَائِرُ: جَمْعُ الشَّعِيرَةِ، وَهِيَ كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى شعار، ومنه شعار القوم في الحرب،

[1] المائدة: 3.
[2] الكهف: 17. [.....]
[3] النحل 114.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 534
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست