responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 531
فِي قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [1] . وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ أَيْ: يَذْكُرُوا عِنْدَ ذَبْحِ الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا اسْمَ اللَّهِ، وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا الذِّكْرَ كِنَايَةٌ عَنِ الذَّبْحِ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ.
وَالْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ هِيَ أَيَّامُ النَّحْرِ كَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: عَلى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ وَقِيلَ: عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ وَالْمَعْدُودَاتِ فِي الْبَقَرَةِ فَلَا نُعِيدُهُ، وَالْكَلَامُ فِي وَقْتِ ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ مَعْرُوفٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَشُرُوحِ الْحَدِيثِ، وَمَعْنَى: «عَلى مَا رَزَقَهُمْ» : عَلَى ذَبْحِ مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، وَبَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ: هِيَ الْأَنْعَامُ، فَالْإِضَافَةُ فِي هَذَا كَالْإِضَافَةِ فِي قَوْلِهِمْ: مَسْجِدُ الْجَامِعِ وَصَلَاةُ الْأُولَى. فَكُلُوا مِنْها الْأَمْرُ هُنَا لِلنَّدْبِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ، وَهَذَا الْتِفَاتٌ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ الْبَائِسُ: ذُو البؤس، وهو شدة الفقر، فذكر الفقير بَعْدَهُ لِمَزِيدِ الْإِيضَاحِ، وَالْأَمْرُ هُنَا لِلْوُجُوبِ، وَقِيلَ: لِلنَّدْبِ. ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ الْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ هُنَا هُوَ التَّأْدِيَةُ، أَيْ: لِيُؤَدُّوا إِزَالَةَ وَسَخِهِمْ، لِأَنَّ التَّفَثَ هُوَ الْوَسَخُ وَالْقَذَارَةُ مِنْ طُولِ الشَّعْرِ وَالْأَظْفَارِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ كَمَا حَكَّاهُ النَّيْسَابُورِيُّ عَلَى هَذَا. قَالَ الزَّجَّاجُ: إِنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ لَا يَعْرِفُونَ التَّفَثَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ:
لَمْ يأت في الشرع مَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي مَعْنَى التَّفَثِ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: أَصْلُ التَّفَثِ فِي اللُّغَةِ كُلُّ قَاذُورَةٍ تَلْحِقُ الْإِنْسَانَ.
وَقِيلَ: قَضَاؤُهُ ادِّهَانُهُ لِأَنَّ الْحَاجَّ مُغَبَّرٌ شَعِثٌ لَمْ يَدَّهِنْ وَلَمْ يَسْتَحِدَّ، فَإِذَا قَضَى نُسُكَهُ وَخَرَجَ مِنْ إِحْرَامِهِ حَلَقَ شَعْرَهُ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ، فَهَذَا هُوَ قَضَاءُ التَّفَثِ. قَالَ الزجاج: كأنه خروج من الإحرام إلى الإحلال وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ أَيْ: مَا يَنْذُرُونَ بِهِ مِنَ الْبَرِّ فِي حَجِّهِمْ، وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالنُّذُورِ هُنَا أَعْمَالُ الْحَجِّ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ هَذَا الطَّوَافُ هُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُتَأَوِّلِينَ، وَالْعَتِيقُ: الْقَدِيمُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ [2] الْآيَةَ، وَقَدْ سُمِّيَ الْعَتِيقُ لِأَنَّ اللَّهَ أَعْتَقَهُ مِنْ أَنْ يَتَسَلَّطَ عَلَيْهِ جَبَّارٌ، وَقِيلَ: لِأَنَّ اللَّهَ يُعْتِقُ فِيهِ رِقَابَ الْمُذْنِبِينَ مِنَ الْعَذَابِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ أُعْتِقَ مِنْ غَرَقِ الطُّوفَانِ، وَقِيلَ: الْعَتِيقُ: الْكَرِيمُ.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ قَالَ: الْحَرَمُ كُلُّهُ، وَهُوَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ قَالَ: خَلْقُ اللَّهِ فِيهِ سَوَاءٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: هُمْ فِي مَنَازِلِ مَكَّةَ سَوَاءٌ، فَيَنْبَغِي لِأَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يُوَسِّعُوا لَهُمْ حَتَّى يَقْضُوا مَنَاسِكَهُمْ. وَقَالَ: الْبَادِي وَأَهْلُ مَكَّةَ سَوَاءٌ، يَعْنِي فِي الْمَنْزِلِ وَالْحَرَمِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: مَنْ أَخَذَ مَنْ أَجُورِ بُيُوتِ مَكَّةَ إِنَّمَا يَأْكُلُ فِي بُطُونِهِ [3] نَارًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَقْطِعْنِي مَكَانًا لِي وَلِعَقِبِي، فَأَعْرَضَ عَنْهُ عُمَرُ وَقَالَ: هُوَ حَرَمُ اللَّهِ سَوَاءٌ الْعَاكِفُ فِيهِ الباد. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَمْنَعُ أَهْلَ مَكَّةَ أَنْ يَجْعَلُوا لَهَا أَبْوَابًا حَتَّى يَنْزِلَ الْحَاجُّ فِي عَرَصَاتِ الدُّورِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، قال

[1] البقرة: 198.
[2] آل عمران: 96.
[3] لعلّ الصواب: بطنه.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 531
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست