responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 429
الْمَقْصُودِ مِنْ هَذِهِ الْمُعْجِزَاتِ فَقَالَ: اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ وَخَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ قَوْمَهُ تَبَعٌ لَهُ، ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ طَغى أَيْ: عَصَى وَتَكَبَّرَ وَكَفَرَ وَتَجَبَّرَ وَتَجَاوَزَ الْحَدَّ، وَجُمْلَةُ قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، كَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَاذَا قَالَ؟ وَمَعْنَى شَرْحِ الصَّدْرِ تَوْسِيعُهُ، تَضَرَّعَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى رَبِّهِ وَأَظْهَرَ عَجْزَهُ بِقَوْلِهِ: وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي [1] ، وَمَعْنَى تَيْسِيرِ الْأَمْرِ تَسْهِيلُهُ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَعْنِي الْعُجْمَةَ الَّتِي كَانَتْ فِيهِ مِنَ الْجَمْرَةِ الَّتِي أَلْقَاهَا فِي فِيهِ وَهُوَ طِفْلٌ، أَيْ: أَطْلِقْ عَنْ لِسَانِي الْعُقْدَةَ الَّتِي فِيهِ، قِيلَ: أَذْهَبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ تِلْكَ الْعُقْدَةَ جَمِيعَهَا بدليل قوله: قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى وَقِيلَ: لَمْ تَذْهَبْ كُلُّهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْ حَلَّ عُقْدَةِ لِسَانِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، بَلْ سَأَلَ حَلَّ عُقْدَةٍ تَمْنَعُ الْإِفْهَامَ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: مِنْ لِسانِي أَيْ: كَائِنَةً مِنْ عُقَدِ لِسَانِي، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قوله: هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً [2] ، وَقَوْلُهُ حِكَايَةً عَنْ فِرْعَوْنَ: وَلا يَكادُ يُبِينُ [3] ، وَجَوَابُ الْأَمْرِ قَوْلُهُ: يَفْقَهُوا قَوْلِي أَيْ: يَفْهَمُوا كَلَامِي، وَالْفِقْهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْفَهْمُ، ثُمَّ خُصَّ بِهِ عِلْمُ الشَّرِيعَةِ، وَالْعَالِمُ بِهِ فَقِيهٌ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ: وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي- هارُونَ أَخِي الوزير: المؤازر كالأكيل المؤاكل لِأَنَّهُ يَحْمِلُ عَنِ السُّلْطَانِ وِزْرَهُ، أَيْ:
ثِقَلَهُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَاشْتِقَاقُهُ فِي اللُّغَةِ مِنَ الْوَزَرِ، وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي يَعْتَصِمُ بِهِ لِيَنْجَى مِنَ الْهَلَكَةِ، وَالْوَزِيرُ:
الَّذِي يَعْتَمِدُ الْمَلِكُ عَلَى رَأْيِهِ فِي الْأُمُورِ وَيَلْتَجِئُ إِلَيْهِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: هُوَ مشتق من المؤازرة، وَهِيَ الْمُعَاوَنَةُ، وَانْتِصَابُ وَزِيرًا وَهَارُونَ عَلَى أَنَّهُمَا مَفْعُولَا اجْعَلْ، وَقِيلَ: مَفْعُولَاهُ: لِي وَزِيرًا، وَيَكُونُ هَارُونَ عَطْفَ بَيَانٍ لِلْوَزِيرِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَيَكُونُ لِي مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ، أَيْ: كَائِنًا لِي، وَمِنْ أَهْلِي صِفَةٌ لِوَزِيرًا، وَأَخِي بَدَلٌ مِنْ هَارُونَ. قرأ الجمهور اشْدُدْ بهمزة وصل، وأَشْرِكْهُ بِهَمْزَةِ قَطْعٍ كِلَاهُمَا عَلَى صِيغَةِ الدُّعَاءِ، أَيْ: يَا رَبِّ أَحْكِمْ بِهِ قُوَّتِي وَاجْعَلْهُ شَرِيكِي فِي أَمْرِ الرِّسَالَةِ، وَالْأَزْرُ: الْقُوَّةُ، يُقَالُ: آزَرَهُ أَيْ: قَوَّاهُ وَقِيلَ: الظَّهْرُ، أَيِ: اشْدُدْ بِهِ ظَهْرِي. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَيَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ وَأَبُو حَيْوَةَ وَالْحَسَنُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ اشْدُدْ بِهَمْزَةِ قَطْعٍ وَأَشْرِكْهُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، أَيْ أَشْدُدْ أَنَا بِهِ أَزْرِي، وَأُشْرِكْهُ أَنَا فِي أَمْرِي. قَالَ النَّحَّاسُ: جَعَلُوا الْفِعْلَيْنِ فِي مَوْضِعِ جَزْمٍ جَوَابًا لِقَوْلِهِ «اجْعَلْ لِي وَزِيراً» ، وَقَرَأَ بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنْ أَخِي ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً هَذَا التَّسْبِيحُ وَالذِّكْرُ هَمَّا الْغَايَةُ مِنَ الدُّعَاءِ الْمُتَقَدِّمِ، وَالْمُرَادُ: التَّسْبِيحُ هُنَا بِاللِّسَانِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الصَّلَاةَ، وَانْتِصَابُ كَثِيرًا فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى أَنَّهُ نَعْتُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَوْ لِزَمَانٍ مَحْذُوفٍ إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً الْبَصِيرُ: الْمُبْصِرُ، وَالْبَصِيرُ: الْعَالِمُ بِخَفِيَّاتِ الْأُمُورِ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، أَيْ: إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا عَالِمًا فِي صِغَرِنَا فَأَحْسَنْتَ إِلَيْنَا، فَأَحْسِنْ إِلَيْنَا أَيْضًا كَذَلِكَ الْآنَ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي عَصَا مُوسَى قَالَ: أَعْطَاهُ إِيَّاهَا مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِذْ تَوَجَّهَ إِلَى مَدْيَنَ فَكَانَتْ تُضِيءُ لَهُ بِاللَّيْلِ، وَيَضْرِبُ بِهَا الْأَرْضَ فَتُخْرِجُ لَهُ النَّبَاتَ، وَيَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِهِ وَرَقُ الشَّجَرِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي قَالَ: أَضْرِبُ بِهَا الشَّجَرَ فَيَتَسَاقَطُ مِنْهُ الْوَرَقُ عَلَى غَنَمِي، وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ. وأخرج ابن المنذر وابن

[1] الشعراء: 13.
[2] القصص: 34.
[3] الزخرف: 52.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 429
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست