responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 423
يَا رَجُلُ، فَجَاءَ بِهِ عَلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ جَائِزٌ، إِلَّا أَنَّ حَمْزَةَ خَالَفَ أَصْلَهُ فِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ خَاصَّةً إِنِّي آنَسْتُ نَارًا أَيْ: أَبْصَرْتُ، يُقَالُ: آنَسْتُ الصَّوْتَ سَمِعْتُهُ، وَآنَسْتُ الرَّجُلَ: أَبْصَرْتُهُ. وَقِيلَ: الْإِينَاسُ الْإِبْصَارُ الْبَيِّنُ، وَقِيلَ: الْإِينَاسُ مُخْتَصٌّ بِإِبْصَارِ مَا يُؤْنِسُ، وَالْجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ بِالْمُكْثِ، وَلَمَّا كَانَ الْإِتْيَانُ بِالْقَبَسِ، وَوُجُودُ الْهُدَى، متوقعين بني الْأَمْرِ عَلَى الرَّجَاءِ فَقَالَ: لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَيْ: أَجِيئُكُمْ مِنَ النَّارِ بِقَبَسٍ، وَالْقَبَسُ: شُعْلَةٌ مِنَ النَّارِ، وَكَذَا الْمِقْبَاسُ، يُقَالُ: قَبَسْتُ مِنْهُ نَارًا أَقْبِسُ قَبْسًا فَأَقْبَسَنِي أَيْ: أَعْطَانِي، وَكَذَا اقْتَبَسْتُ. قَالَ الْيَزِيدِيُّ: أَقْبَسْتُ الرَّجُلَ عِلْمًا وَقَبَسْتُهُ نَارًا فَإِنْ كُنْتَ طَلَبْتَهَا لَهُ قُلْتَ أقبسته. وقال الكسائي: أقبسته نارا أو علما سَوَاءً، قَالَ: وَقَبَسْتُهُ أَيْضًا فِيهِمَا. أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً أَيْ: هَادِيًا يَهْدِينِي إِلَى الطَّرِيقِ وَيَدُلَّنِي عَلَيْهَا. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَرَادَ هَادِيًا، فَذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ، أَوْ عَبَّرَ بِالْمَصْدَرِ لِقَصْدِ الْمُبَالَغَةِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَيْ: ذَا هُدًى، وَكَلِمَةُ «أَوْ» فِي الْمَوْضِعَيْنِ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ دُونَ الْجَمْعِ، وَحَرْفُ الِاسْتِعْلَاءِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ أَهْلَ النَّارِ مُسْتَعْلُونَ عَلَى أَقْرَبِ مَكَانٍ إِلَيْهَا فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ أَيْ: فَلَمَّا أَتَى النَّارَ الَّتِي آنَسَهَا نُودِيَ مِنَ الشَّجَرَةِ، كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِذَلِكَ فِي سُورَةِ الْقَصَصِ، أَيْ: مِنْ جِهَتِهَا، وَمِنْ نَاحِيَتِهَا يَا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ أَيْ: نُودِيَ، فَقِيلَ: يَا مُوسَى. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَحُمَيْدٌ وَالْيَزِيدِيُّ أَنِّي بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بكسرها، أي: إني فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ أَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِخَلْعِ نَعْلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي التَّوَاضُعِ، وَأَقْرَبُ إِلَى التَّشْرِيفِ وَالتَّكْرِيمِ وَحُسْنِ التَّأَدُّبِ. وَقِيلَ: إِنَّهُمَا كَانَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ غَيْرِ مَدْبُوغٍ، وَقِيلَ: مَعْنَى الْخَلْعِ لِلنَّعْلَيْنِ: تَفْرِيغُ الْقَلْبِ مِنَ الْأَهْلِ وَالْمَالِ، وَهُوَ مِنْ بِدَعِ التَّفَاسِيرِ.
ثُمَّ عَلَّلَ سُبْحَانَهُ الأمر بالخلع فقال: إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً الْمُقَدَّسُ: الْمُطَهَّرُ، وَالْقُدْسُ: الطَّهَارَةُ، وَالْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ: الْمُطَهَّرَةُ، سُمِيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ أَخْرَجَ مِنْهَا الْكَافِرِينَ وَعَمَّرَهَا بِالْمُؤْمِنِينَ، وَطُوًى: اسْمٌ لِلْوَادِي. قال الجوهري: وطوى اسم موضع بالشام يكسر طاؤه وَيُضَمُّ، يُصْرَفُ وَلَا يُصْرَفُ، فَمَنْ صَرَفَهُ جَعَلَهُ اسْمَ وَادٍ وَمَكَانٍ وَجَعَلَهُ نَكِرَةً، وَمَنْ لَمْ يَصْرِفْهُ جَعْلَهُ بَلْدَةً وَبُقْعَةً وَجَعَلَهُ مَعْرِفَةً، وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ «طِوًى» بِكَسْرِ الطَّاءِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِضَمِّهَا. وَقِيلَ: إِنَّ طُوًى كَثُنًى مِنَ الطَّيِّ مَصْدَرٌ لَنُودِيَ، أَوْ لِلْمُقَدَّسِ، أَيْ:
نُودِيَ نِدَاءَيْنِ، أَوْ قُدِّسَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَأَنَا اخْتَرْتُكَ قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ وَأَنَا اخْتَرْتُكَ بِالْإِفْرَادِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَإِنَّا اخْتَرْنَاكَ بِالْجَمْعِ. قَالَ النَّحَّاسُ:
وَالْقِرَاءَةُ الْأُولَى أَوْلَى مِنْ جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا أَنَّهَا أَشْبَهُ بِالْخَطِّ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّهَا أَوْلَى بِنَسَقِ الْكَلَامِ لِقَوْلِهِ: يَا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ، وَمَعْنَى اخْتَرْتُكَ: اصْطَفَيْتُكَ لِلنُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ، وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى لِتَرْتِيبِ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا، وَمَا مَوْصُولَةٌ أَوْ مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ: فَاسْتَمِعْ لِلَّذِي يُوحَى إِلَيْكَ، أَوْ لِلْوَحْيِ، وَجُمْلَةُ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ بَدَلٌ مِنْ «مَا» فِي «لِمَا يُوحَى» . ثُمَّ أَمَرَهُ سُبْحَانَهُ بِالْعِبَادَةِ فَقَالَ: فَاعْبُدْنِي وَالْفَاءُ هُنَا كَالْفَاءِ الَّتِي قَبْلَهَا لِأَنَّ اخْتِصَاصَ الْإِلَهِيَّةِ بِهِ سُبْحَانَهُ مُوجِبٌ لِتَخْصِيصِهِ بِالْعِبَادَةِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي خَصَّ الصَّلَاةَ بِالذِّكْرِ مَعَ كَوْنِهَا دَاخِلَةً تَحْتَ الْأَمْرِ بِالْعِبَادَةِ، لِكَوْنِهَا أَشْرَفَ طَاعَةٍ وَأَفْضَل عِبَادَةٍ، وَعَلَّلَ الْأَمْرَ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ لِذِكْرِي، أَيْ: لِتَذْكُرَنِي فَإِنَّ الذِّكْرَ الْكَامِلَ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا فِي ضِمْنِ الْعِبَادَةِ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 423
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست