responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 41
بِتِلْكَ الْعَيْنِ يَقُولُونَ هَذَا الَّذِي رَاوَدَ امْرَأَةَ العزيز، وإنما قال: فَسْئَلْهُ مَا بالُ النِّسْوَةِ وَسَكَتَ عَنِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ رِعَايَةً لِذِمَامِ الْمَلِكِ الْعَزِيزِ، أَوْ خَوْفًا مِنْهُ مِنْ كَيْدِهَا وَعَظِيمِ شَرِّهَا، وَذَكَرَ السُّؤَالَ عَنْ تَقْطِيعِ الْأَيْدِي وَلَمْ يَذْكُرْ مُرَاوَدَتَهُنَّ لَهُ، تَنَزُّهًا مِنْهُ عَنْ نِسْبَةِ ذَلِكَ إِلَيْهِنَّ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَنْسِبْ الْمُرَاوَدَةَ فِيمَا تَقَدَّمَ إِلَى امْرَأَةِ الْعَزِيزِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ رَمَتْهُ بِدَائِهَا وَانْسَلَّتْ. وَقَدِ اكْتَفَى هُنَا بِالْإِشَارَةِ الْإِجْمَالِيَّةِ بِقَوْلِهِ: إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ فَجَعَلَ عِلْمَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ مِنَ الْكَيْدِ مِنْهُنَّ مُغْنِيًا عَنِ التَّصْرِيحِ، وَجُمْلَةُ قالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، كَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَاذَا قَالَ الْمَلِكُ بَعْدَ أَنْ أَبْلَغَهُ الرَّسُولُ مَا قَالَ يُوسُفُ؟
وَالْخَطْبُ: الشَّأْنُ الْعَظِيمُ الَّذِي يَحِقُّ لَهُ أَنْ يُخَاطِبَ فِيهِ صَاحِبَهُ خَاصَّةً. وَالْمَعْنَى: مَا شَأْنُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الْمُرَاوَدَةُ، وَإِنَّمَا نَسَبَ إِلَيْهِنَّ الْمُرَاوَدَةَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَقَعَ مِنْهَا ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَنْ شَمَلَهُ خِطَابُ الْمَلِكِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ أَوْ أَرَادَ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ إِلَيْهِنَّ وُقُوعَهُ مِنْهُنَّ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا كَانَ مِنِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ تَحَاشِيًا عَنِ التَّصْرِيحِ مِنْهُ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ إِلَيْهَا لِكَوْنِهَا امْرَأَةَ وَزِيرِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ، فَأَجَبْنَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِنَّ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ أَيْ مَعَاذَ اللَّهِ مَا عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ أَيْ مِنْ أمر سيئ يُنْسَبُ إِلَيْهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ مُنَزِّهَةً لِجَانِبِهِ، مُقِرَّةً عَلَى نَفْسِهَا بِالْمُرَاوَدَةِ لَهُ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَيْ تَبَيَّنَ وَظَهَرَ. وَأَصْلُهُ حصص، فقيل حصحص كما قيل في كببوا كُبْكِبُوا، قَالَهُ الزَّجَّاجُ، وَأَصْلُ الْحَصِّ: اسْتِئْصَالُ الشَّيْءِ، يُقَالُ:
حَصَّ شَعْرَهُ: إِذَا اسْتَأْصَلَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي قَيْسِ بْنِ الْأَسْلَتِ:
قَدْ حَصَّتِ الْبَيْضَةُ رَأْسِي فَمَا ... أَطْعَمُ نَوْمًا غَيْرَ تَهْجَاعِ «1»
وَالْمَعْنَى أَنَّهُ انْقَطَعَ الْحَقُّ عَنِ الْبَاطِلِ بِظُهُورِهِ وَبَيَانِهِ، وَمِنْهُ:
فَمَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي خِدَاشًا فَإِنَّهُ ... كَذُوبٌ إِذَا مَا حَصْحَصَ الْحَقُّ ظَالِمُ
وَقِيلَ: هُوَ مشتق من الحصّة. والمعنى: بانت حصّة [الحق من حِصَّةُ] [2] الْبَاطِلِ. قَالَ الْخَلِيلُ: مَعْنَاهُ ظَهَرَ الْحَقُّ بَعْدَ خَفَائِهِ، ثُمَّ أَوْضَحَتْ ذَلِكَ بِقَوْلِهَا: أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَمْ تَقَعْ مِنْهُ الْمُرَاوَدَةُ لِي أَصْلًا وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا قَالَهُ مِنْ تَبْرِئَةِ نَفْسِهِ وَنِسْبَةِ الْمُرَاوَدَةِ إِلَيْهَا، وَأَرَادَتْ ب الْآنَ زمان تكلمها بهذا الكلام. قَوْلِهِ: ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَا يَبْعُدُ وَصْلُ كَلَامِ إِنْسَانٍ بِكَلَامِ إِنْسَانٍ آخَرَ إِذَا دَلَّتِ الْقَرِينَةُ الصَّارِفَةُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إِلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، وَالْإِشَارَةُ إِلَى الْحَادِثَةِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ، وَهِيَ تَثَبُّتُهُ وَتَأَنِّيهِ أَيْ فَعَلْتُ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ الْعَزِيزُ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ فِي أَهْلِهِ بِالْغَيْبِ وَالْمَعْنَى بِظَهْرِ الْغَيْبِ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ أَيْ: وَهُوَ غَائِبٌ عَنِّي، أَوْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهُ. قِيلَ: إِنَّهُ قَالَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي السِّجْنِ بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَهُ الرَّسُولُ بِمَا قَالَتْهُ النِّسْوَةُ، وَمَا قَالَتْهُ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ وَقِيلَ: إِنَّهُ قَالَ ذَلِكَ وَقَدْ صَارَ عِنْدَ الْمَلِكِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَذَهَبَ الْأَقَلُّونَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ

(1) . «البيضة» : الخوذة. «التهجاع» : النومة الخفيفة.
[2] ما بين معقوفتين من تفسير القرطبي (9/ 208) .
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 41
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست