responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 388
غَيْرِ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِلْحَمْلِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا أَيْ: تَنَحَّتْ وَاعْتَزَلَتْ إِلَى مَكَانٍ بَعِيدٍ، وَالْقَصِيُّ: هُوَ الْبَعِيدُ. قِيلَ: كَانَ هَذَا الْمَكَانُ وَرَاءَ الْجَبَلِ، وَقِيلَ: أَبْعَدُ مَكَانٍ فِي تِلْكَ الدَّارِ، وَقِيلَ:
أَقْصَى الْوَادِي، وَقِيلَ: إِنَّهَا حَمَلَتْ بِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ: ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ: سَبْعَةً فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ أَيْ: أَلْجَأَهَا وَاضْطَرَّهَا، وَمِنْهُ قول زهير:
أجاءته المخافة والرّجاء «1»
وقرأ شبيل فَاجَأَهَا مِنَ الْمُفَاجَأَةِ، وَرُوِيَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَنْ عَاصِمٍ، وَقَرَأَ الْحَسَنُ بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَفِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ فَلَمَّا أَجَاءَهَا قَالَ فِي الْكَشَّافِ: إِنَّ أَجَاءَهَا مَنْقُولٌ مِنْ جَاءَ، إِلَّا أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ قَدْ تَعَيَّنَ بَعْدَ النَّقْلِ إِلَى مَعْنَى الْإِلْجَاءِ، وَفِيهِ بُعْدٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْفِعْلَيْنِ مَوْضُوعٌ بِوَضْعٍ مُسْتَقِلٍّ، وَالْمَخَاضُ مَصْدَرُ مَخَضَتِ المرأة تمخض مخاضا وَمَخَاضًا إِذَا دَنَا وِلَادُهَا. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ بِكَسْرِهَا، وَالْجِذْعُ: سَاقُ النَّخْلَةِ الْيَابِسَةِ، كَأَنَّهَا طَلَبَتْ شَيْئًا تَسْتَنِدُ إِلَيْهِ وَتَتَعَلَّقُ بِهِ، كَمَا تَتَعَلَّقُ الْحَامِلُ لِشِدَّةِ وَجَعِ الطَّلْقِ بِشَيْءٍ مِمَّا تَجِدُهُ عِنْدَهَا، وَالتَّعْرِيفُ إِمَّا للجنس أو للعهد قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا أَيْ: قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ، تَمَنَّتِ الْمَوْتَ لِأَنَّهَا خَافَتْ أَنْ يُظَنَّ بِهَا السُّوءُ فِي دِينِهَا، أَوْ لِئَلَّا يَقَعَ قَوْمٌ بِسَبَبِهَا فِي الْبُهْتَانِ وَكُنْتُ نَسْياً النَّسْيُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الشَّيْءُ الْحَقِيرُ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُنْسَى، وَلَا يُذْكُرَ، وَلَا يُتَأَلَّمَ لِفَقْدِهِ كالوتد والحبل، ومنه قول الكميت:
أتجعلنا جسرا لِكَلْبِ قَضَاعَةَ ... وَلَسْنَا بِنَسْيٍ فِي مَعْدٍ وَلَا دَخْلِ
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: النَّسْيُ: مَا تُلْقِيهِ الْمَرْأَةُ مِنْ خِرَقِ اعْتِلَالِهَا، فَتَقُولُ مَرْيَمُ نَسْياً مَنْسِيًّا أَيْ: حَيْضَةً مُلْقَاةً، وَقَدْ قُرِئَ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ مِثْلَ الْحِجْرِ وَالْحَجْرِ، وَالْوِتْرِ والوتر. وقرأ محمد بن كعب القرظي نسئا بِالْهَمْزِ مَعَ كَسْرِ النُّونِ. وَقَرَأَ نَوْفٌ الَبِكَالِيُّ بِالْهَمْزِ مَعَ فَتْحِ النُّونِ. وَقَرَأَ بَكْرُ بْنُ حَبِيبٍ نَسِيًّا بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ بِدُونِ هَمْزٍ، وَالْمَنْسِيُّ: الْمَتْرُوكُ الَّذِي لَا يُذَكَرُ وَلَا يَخْطُرُ بِبَالِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فَناداها مِنْ تَحْتِها أَيْ: جِبْرِيلُ لَمَّا سَمِعَ قَوْلَهَا، وَكَانَ أَسْفَلَ مِنْهَا تَحْتَ الْأَكَمَةِ، وَقِيلَ: تَحْتَ النَّخْلَةِ، وَقِيلَ: الْمُنَادِي هُوَ عِيسَى. وَقَدْ قُرِئَ بِفَتْحِ الْمِيمِ مِنْ مِنْ وَكَسْرِهَا. وَقَوْلُهُ: أَلَّا تَحْزَنِي تَفْسِيرٌ لِلنِّدَاءِ أَيْ:
لَا تَحْزَنِي، أَوِ الْمَعْنَى بِأَنْ لَا تَحْزَنِي عَلَى أَنَّهَا الْمَصْدَرِيَّةُ قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا قَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ:
السريّ النهر الصغير، المعنى: قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَ قَدَمِكِ نَهْرًا. قِيلَ: كَانَ نَهْرًا قَدِ انْقَطَعَ عَنْهُ الْمَاءُ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ فِيهِ الْمَاءَ لِمَرْيَمَ، وَأَحْيَا بِهِ ذَلِكَ الْجِذْعَ الْيَابِسَ الَّذِي اعْتَمَدَتْ عَلَيْهِ حَتَّى أَوْرَقَ وَأَثْمَرَ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالسَّرِيِّ هُنَا عِيسَى، وَالسَّرِيُّ: الْعَظِيمُ مِنَ الرِّجَالِ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فُلَانٌ سَرِيٌّ، أَيْ: عَظِيمٌ، وَمِنْ قَوْمٍ سُرَاةٍ، أَيْ:
عِظَامٍ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ الْهَزُّ التَّحْرِيكُ: يُقَالُ هَزَّهُ فَاهْتَزَّ، وَالْبَاءُ فِي بِجِذْعِ النَّخْلَةِ مَزِيدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ هَزَّهُ وَهَزَّ بِهِ، وَالْجِذْعُ: هُوَ أَسْفَلُ الشَّجَرَةِ. قَالَ قُطْرُبٌ: كلّ خشبة

(1) . وصدره: وجار سار معتمدا إلينا.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 388
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست