responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 363
الْفَيْلَسُوفُ الْمَشْهُورُ أَرِسْطَاطَالِيسُ، وَكَانَ قَبْلَ الْمَسِيحِ بِنَحْوٍ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ. فَأَمَّا الْأَوَّلُ الْمَذْكُورُ فِي الْقُرْآنِ فَكَانَ فِي زَمَنِ الْخَلِيلِ، هَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ رَاوِيًا لَهُ عَنِ الْأَزْرَقِيِّ وَغَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ ذكرنا طرفا صالحا من أَخْبَارِهِ فِي كِتَابِ «الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ» بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ. وَحَكَى أَبُو السُّعُودِ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُ قَالَ: وَإِنَّمَا بَيَّنَّا هَذَا يَعْنِي أَنَّهُمَا اثْنَانِ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَعْتَقِدُ أَنَّهُمَا وَاحِدٌ، وَأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ هُوَ هَذَا الْمُتَأَخِّرُ، فَيَقَعُ بِذَلِكَ خَطَأٌ كَبِيرٌ وَفَسَادٌ كَثِيرٌ، كَيْفَ لَا، وَالْأَوَّلُ كَانَ عَبْدًا صَالِحًا مُؤْمِنًا، وَمَلِكًا عَادِلًا، وَوَزِيرُهُ الْخَضِرُ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ نَبِيًّا. وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ كَانَ كَافِرًا، وَوَزِيرُهُ أَرِسْطَاطَالِيسُ الْفَيْلَسُوفُ، وَكَانَ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الزَّمَانِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفَيْ سَنَةٍ، فَأَيْنَ هَذَا مِنْ ذَاكَ؟ انْتَهَى. قُلْتُ: لَعَلَّهُ ذَكَرَ هَذَا فِي الْكِتَابِ الَّذِي ذَكَرَهُ سَابِقًا، وَسَمَّاهُ بِالْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ، وَلَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ، وَالَّذِي يُسْتَفَادُ مِنْ كُتُبِ التَّارِيخِ هُوَ أَنَّهُمَا اثْنَانِ كَمَا ذَكَرَهُ السُّهَيْلِيُّ وَالْأَزْرَقِيُّ وَابْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهُمْ، لَا كَمَا ذَكَرَهُ الرَّازِيُّ وَادَّعَى أَنَّهُ الَّذِي تَشْهَدُ بِهِ كُتُبُ التَّوَارِيخِ، وَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ هَلْ هُوَ نَبِيٌّ أَمْ لَا؟ وَسَيَأْتِي مَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ الْمَطْلُوبُ آخِرَ هَذَا الْبَحْثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَأَمَّا السَّبَبُ الَّذِي لِأَجْلِهُ سُمِّيَ ذَا الْقَرْنَيْنِ، فَقَالَ الزَّجَّاجُ وَالْأَزْهَرِيُّ: إِنَّمَا سُمِّيَ ذَا الْقَرْنَيْنِ، لِأَنَّهُ بَلَغَ قَرْنَ الشَّمْسِ مِنْ مَطْلَعِهَا، وَقَرْنَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ لَهُ ضَفِيرَتَانِ مِنْ شَعَرٍ، وَالضَّفَائِرُ تُسَمَّى قُرُونًا، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ [1] :
فَلَثَمْتُ فَاهَا آخِذًا بِقُرُونِهَا ... شُرْبَ النَّزِيفِ [2] بِبَرْدِ مَاءِ الْحَشْرَجِ
وَالْحَشْرَجُ: مَاءٌ مِنْ مِيَاهِ الْعَرَبِ وَقِيلَ: إِنَّهُ رَأَى فِي أَوَّلِ مُلْكِهِ كَأَنَّهُ قَابِضٌ عَلَى قَرْنَيِ الشَّمْسِ فَسُمِّيَ بِذَلِكَ وَقِيلَ: كَانَ لَهُ قَرْنَانِ تَحْتَ عِمَامَتِهِ وَقِيلَ: إِنَّهُ دَعَا إِلَى اللَّهِ فَشَجَّهُ قَوْمُهُ عَلَى قَرْنِهِ، ثُمَّ دَعَا إلى الله فشجوه على قرنه الآخر وقيل: إِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَرِيمُ الطَّرَفَيْنِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ شَرَفٍ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ انْقَرَضَ فِي وَقْتِهِ قَرْنَانِ مِنَ النَّاسِ وَهُوَ حَيُّ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا قَاتَلَ قَاتَلَ بِيَدَيْهِ وَرِكَابَيْهِ جَمِيعًا وَقِيلَ: لِأَنَّهُ أُعْطِيَ عِلْمَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ دَخَلَ النُّورَ وَالظُّلْمَةَ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ مَلَكَ فَارِسَ وَالرُّومَ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ مَلَكَ الرُّومَ وَالتُّرْكَ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كان لتاجه قرنان. قوله: قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً أَيْ: سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ أَيُّهَا السَّائِلُونَ مِنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ خَبَرًا، وَذَلِكَ بِطَرِيقِ الْوَحْيِ الْمَتْلُوِّ. ثُمَّ شَرَعَ سُبْحَانَهُ فِي بَيَانِ مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولَهُ أَنْ يَقُولَهُ لَهُمْ مِنْ أَنَّهُ سَيَتْلُو عَلَيْهِمْ مِنْهُ ذِكْرًا، فَقَالَ: إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ أَيْ: أَقْدَرْنَاهُ بِمَا مَهَّدْنَا لَهُ مِنَ الْأَسْبَابِ، فَجَعَلْنَا لَهُ مُكْنَةً وَقُدْرَةً عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهَا، وَسَهَّلَ عَلَيْهِ الْمَسِيرَ فِي مَوَاضِعِهَا، وَذَلَّلَ لَهُ طُرُقَهَا حَتَّى تَمَكَّنَ مِنْهَا أَيْنَ شَاءَ وَكَيْفَ شَاءَ؟ وَمِنْ جُمْلَةِ تَمْكِينِهِ فِيهَا أَنَّهُ جَعَلَ لَهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ سَوَاءً فِي الْإِضَاءَةِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِمَطْلُوبِهِ سَبَباً أَيْ: طَرِيقًا يَتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى مَا يُرِيدُهُ فَأَتْبَعَ سَبَباً مِنْ تِلْكَ الْأَسْبَابِ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: وَالْمَعْنَى طَرِيقًا تُؤَدِّيهِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: فَأَتْبَعَ سببا من

[1] هو عمر بن أبي ربيعة.
[2] «النزيف» : المحموم الذي منع من الماء.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 363
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست