responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 31
لَا يَكُونُ جُمْلَةً، وَلَكِنَّ الْفَاعِلَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ «بَدَا» وَهُوَ الْمَصْدَرُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
وَحَقَّ لِمَنْ أَبُو مُوسَى أَبُوهُ ... يُوَفِّقُهُ الَّذِي نَصَبَ الْجِبَالَا
أَيْ: وَحَقَّ الْحَقُّ، فَحَذَفَ الْفَاعِلَ لِدَلَالَةِ الْفِعْلِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: الْفَاعِلُ الْمَحْذُوفُ هُوَ رَأَى أَيْ: وَظَهَرَ لَهُمْ رَأْيٌ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَهُ مِنْ قَبْلُ، وَهَذَا الْفَاعِلُ حُذِفَ لِدَلَالَةِ لَيَسْجُنُنَّهُ عَلَيْهِ، وَاللَّامُ فِي لَيَسْجُنُنَّهُ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ عَلَى تَقْدِيرِ الْقَوْلِ: أَيْ ظَهَرَ لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ قَائِلِينَ: وَاللَّهِ لَيَسْجُنُنَّهُ. وَقُرِئَ «لَتَسْجُنُنَّهُ» بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ عَلَى الْخِطَابِ، إِمَّا لِلْعَزِيزِ وَمَنْ مَعَهُ، أَوْ لَهُ وَحْدَهُ عَلَى طَرِيقِ التَّعْظِيمِ، وَالْآيَاتِ قِيلَ: هِيَ الْقَمِيصُ وَشَهَادَةُ الشَّاهِدِ وَقَطْعُ الْأَيْدِي وَقِيلَ: هِيَ الْبَرَكَاتُ الَّتِي فَتَحَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ وُصُولِ يُوسُفَ إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يُجْدِ ذَلِكَ فِيهِمْ، بَلْ كَانَتِ امْرَأَتُهُ هِيَ الْغَالِبَةُ عَلَى رَأْيِهِ، الْفَاعِلَةُ لِمَا يُطَابِقُ هَوَاهَا فِي يُوسُفَ، وَإِنْفَاذُ مَا تَقَدَّمَ مِنْهَا مِنَ الْوَعِيدِ لَهُ بِقَوْلِهَا: وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ. قِيلَ:
وَسَبَبُ ظُهُورِ هَذَا الرَّأْيِ لَهُمْ فِي سَجْنِ يُوسُفَ أَنَّهُمْ أَرَادُوا سَتْرَ الْقَالَةِ، وَكَتْمَ مَا شَاعَ فِي النَّاسِ مِنْ قِصَّةِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ مَعَهُ وَقِيلَ: إِنَّ الْعَزِيزَ قَصَدَ بِسَجْنِهِ الْحَيْلُولَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، لَمَّا عَلِمَ أَنَّهَا قَدْ صَارَتْ بِمَكَانٍ مِنْ حُبِّهِ لَا تُبَالِي مَعَهُ بِحَمْلِ نَفْسِهَا عَلَيْهِ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: حَتَّى حِينٍ إِلَى مُدَّةٍ غير معلومة كما قاله أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ، وَقِيلَ: إِلَى انْقِطَاعِ مَا شَاعَ فِي الْمَدِينَةِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: إِلَى سَبْعِ سِنِينَ، وَقِيلَ:
إِلَى خَمْسٍ، وَقِيلَ: إِلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَقَرَةِ الْكَلَامُ فِي تَفْسِيرِ الْحِينِ، وَحَتَّى بِمَعْنَى إِلَى. قَوْلُهُ:
وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَبَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ فَسَجَنُوهُ، وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ، وَمَعَ لِلْمُصَاحَبَةِ، وَفَتَيَانِ تَثْنِيَةُ فَتًى، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا عَبْدَانِ لَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْفَتَى اسْمًا لِلْخَادِمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ أَحَدَهُمَا خَبَّازُ الْمَلِكِ، وَالْآخَرَ سَاقِيهِ، وَقَدْ كَانَا وَضَعَا لِلْمَلِكِ سُمًّا لَمَّا ضَمِنَ لَهُمَا أَهْلُ مِصْرَ مَالًا فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّ السَّاقِيَ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ لِلْمَلِكِ: لَا تَأْكُلِ الطَّعَامَ فَإِنَّهُ مَسْمُومٌ، وَقَالَ الْخَبَّازُ: لَا تَشْرَبْ فَإِنَّ الشَّرَابَ مَسْمُومٌ، فَقَالَ الْمَلِكُ لِلسَّاقِي: اشْرَبْ فَشَرِبَ فَلَمْ يَضُرَّهُ، وَقَالَ لِلْخَبَّازِ: كُلْ، فَأَبَى، فَجَرَّبَ الطَّعَامَ عَلَى حَيَوَانٍ فَهَلَكَ مَكَانَهُ فَحَبَسَهُمَا، وَكَانَ دُخُولُهُمَا السِّجْنَ مَعَ دُخُولِ يُوسُفَ، وَقِيلَ: قَبْلَهُ، وَقِيلَ: بَعْدَهُ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ:
إِنَّهُمَا سَأَلَا يُوسُفَ عَنْ عِلْمِهِ فَقَالَ: إِنِّي أَعْبُرُ الرُّؤْيَا، فَسَأَلَاهُ عَنْ رُؤْيَاهُمَا كَمَا قَصَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً أَيْ رَأَيْتُنِي، وَالتَّعْبِيرُ بِالْمُضَارِعِ لِاسْتِحْضَارِ الصُّورَةِ. وَالْمَعْنَى: إِنِّي أراني أعصر عنبا، فسمّاه باسم ما يؤول إِلَيْهِ لِكَوْنِهِ الْمَقْصُودَ مِنَ الْعَصْرِ. وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَعْصِرُ عِنَبًا. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ:
أَخْبَرَنِي الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَنَّهُ لَقِيَ أَعْرَابِيًّا وَمَعَهُ عِنَبٌ، فَقَالَ لَهُ: مَا مَعَكَ؟ فَقَالَ: خَمْرٌ. وَقِيلَ: مَعْنَى أَعْصِرُ خَمْرًا أَيْ: عِنَبَ خَمْرٍ، فَهُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، وَهَذَا الَّذِي رَأَى هَذِهِ الرُّؤْيَا هُوَ السَّاقِي، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ بِتَقْدِيرِ سُؤَالٍ، وَكَذَلِكَ الْجُمْلَةُ الَّتِي بَعْدَهَا وَهِيَ: وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً ثُمَّ وَصَفَ الْخُبْزَ هَذَا بِقَوْلِهِ: تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ وَهَذَا الرَّائِي لِهَذِهِ الرُّؤْيَا هُوَ الْخَبَّازُ، ثُمَّ قَالَا لِيُوسُفَ جَمِيعًا بَعْدَ أَنْ قَصَّا رُؤْيَاهُمَا عَلَيْهِ: نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ أَيْ بِتَأْوِيلِ مَا قَصَصْنَاهُ عَلَيْكَ مِنْ مَجْمُوعِ الْمَرْئَيَيْنِ، أَوْ بتأويل

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 31
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست