responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 297
لَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ الْإِلَهِيَّاتِ وَالْمَعَادَ وَالْجَزَاءَ أَرْدَفَهَا بِذِكْرِ أَشْرَفِ الطَّاعَاتِ، وَهِيَ الصَّلَاةُ، فَقَالَ: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ. وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الْمُرَادُ بِهَا الصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَةُ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الدُّلُوكِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ زَوَالُ الشَّمْسِ عَنْ كَبِدِ السَّمَاءِ، قَالَهُ عُمَرُ وَابْنُهُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو بَرْزَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَعَطَاءُ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَأَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ غُرُوبُ الشَّمْسِ، قَالَهُ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأُبِيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ الْفَرَّاءُ: دُلُوكُ الشَّمْسِ مِنْ لَدُنْ زَوَالِهَا إِلَى غروبها. قال الأزهري:
معنى الدُّلُوكِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الزَّوَالُ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلشَّمْسِ إِذَا زَالَتْ نِصْفَ النَّهَارِ: دَالِكَةٌ، وَقِيلَ لَهَا إِذَا أَفَلَتْ:
دَالِكَةٌ لِأَنَّهَا فِي الْحَالَتَيْنِ زَائِلَةٌ. قَالَ: وَالْقَوْلُ عِنْدِي أَنَّهُ زَوَالُهَا نِصْفَ النَّهَارِ لِتَكُونَ الْآيَةُ جَامِعَةً لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَالْمَعْنَى: أَقِمِ الصَّلَاةَ مِنْ وَقْتِ دُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ فَيَدْخُلُ فِيهَا الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَصَلَاتَا غَسَقِ اللَّيْلِ، وَهُمَا الْعِشَاءَانِ، ثُمَّ قَالَ: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ هَذِهِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ. وَقَالَ أَبُو عُبِيدٍ: دُلُوكُهَا غُرُوبُهَا، وَدَلَكَتْ بِرَاحٍ: يَعْنِي الشَّمْسَ، أَيْ: غَابَتْ، وَأَنْشَدَ قُطْرُبٌ عَلَى هَذَا قَوْلَ الشَّاعِرِ:
هذا مقام قدمي رباح ... ذبّب حَتَّى دَلَكَتْ بَرَاحْ
اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الشَّمْسِ [1] عَلَى وَزْنِ حَذَامٍ وَقَطَامٍ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
مَصَابِيحٌ لَيْسَتْ بِاللَّوَاتِي تَقُودُهَا ... نُجُومٌ ولا بالآفات الدَّوَالِكِ
أَيِ: الْغَوَارِبِ، وَغَسَقُ اللَّيْلِ: اجْتِمَاعُ الظُّلْمَةِ. قَالَ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ: يُقَالُ: غَسَقَ اللَّيْلُ وَأَغْسَقَ إِذَا أَقْبَلَ بِظَلَامِهِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْغَسَقُ سواد الليل. قال ابن قيس الرُّقَيَّاتِ:
إِنَّ هَذَا اللَّيْلَ قَدْ غَسَقَا ... وَاشْتَكَيْتُ الْهَمَّ وَالْأَرَقَا
وَقِيلَ: غَسَقُ اللَّيْلِ: مَغِيبُ الشَّفَقِ، وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
ظَلَّتْ تَجُودُ يَدَاهَا وَهِيَ لَاهِيَةٌ ... حَتَّى إِذَا جَعْجَعَ [2] الْإِظْلَامُ وَالْغَسَقُ
وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ مِنَ السَّيَلَانِ، يُقَالُ: غَسَقَتْ إِذَا سَالَتْ. وَحَكَى الْفَرَّاءُ غَسَقَ اللَّيْلُ وَأَغْسَقَ، وَظَلِمَ وَأَظْلَمَ، ودجا وَأَدْجَى، وَغَبِشَ وَأَغْبَشَ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْغَايَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ: إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ صَلَاةَ الظُّهْرِ يَتَمَادَى وَقْتُهَا مِنَ الزَّوَالِ إِلَى الْغُرُوبِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حنيفة، وجوّزه مالك

[1] في حاشية القرطبي (10/ 303) : والصواب: من أسماء النساء.
[2] في تفسير القرطبي (10/ 304) : جنح.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 297
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست