responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 287
أَشْكُو إِلَيْكَ سَنَةً قَدْ أَجْحَفَتْ ... جَهْدًا إِلَى جهد بنا وأضعفت
واحتنكت أموالنا واجتلفت
أَيِ: اسْتَأْصَلَتْ أَمْوَالَنَا. وَاللَّامُ فِي لَئِنْ أَخَّرْتَنِ هِيَ الْمُوَطِّئَةُ، وَإِنَّمَا أَقْسَمَ اللَّعِينُ هَذَا الْقَسَمَ عَلَى أَنَّهُ سَيَفْعَلُ بِذُرِّيَّةِ آدَمَ مَا ذَكَرَهُ لِعِلْمٍ قَدْ سَبَقَ إِلَيْهِ مِنْ سَمْعٍ اسْتَرَقَهُ، أَوْ قَالَهُ لِمَا ظَنَّهُ مِنْ قُوَّةِ نُفُوذِ كَيْدِهِ فِي بَنِي آدَمَ، وَأَنَّهُ يَجْرِي مِنْهُمْ فِي مَجَارِي الدَّمِ، وَأَنَّهُمْ بِحَيْثُ يَرُوجُ عِنْدَهُمْ كَيْدُهُ، وَتَنْفَقُ لَدَيْهِمْ وَسْوَسَتُهُ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ، وَهُمُ الْمُرَادُونَ بِقَوْلِهِ: إِلَّا قَلِيلًا وَفِي مَعْنَى هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ [1] فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ قَالَ مَا قَالَهُ هُنَا اعْتِمَادًا عَلَى الظَّنِّ وَقِيلَ: إِنَّهُ اسْتَنْبَطَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها [2] ، وَقِيلَ: عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ طَبْعِ الْبَشَرِ لِمَا رُكِّبَ فِيهِمْ مِنَ الشَّهَوَاتِ، أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ وَسَوَسَ لِآدَمَ فَقَبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَجِدْ لَهُ عَزْمًا، كَمَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَيْ: أَطَاعَكَ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ أَيْ: إِبْلِيسَ وَمَنْ أَطَاعَهُ جَزاءً مَوْفُوراً أَيْ: وَافِرًا مُكَمَّلًا، يُقَالُ: وَفَرْتُهُ أَفِرُهُ وَفْرًا، وَوَفَرَ الْمَالُ بِنَفْسِهِ يَفِرُ وُفُورًا، فَهُوَ وَافِرٌ، فَهُوَ مَصْدَرٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
وَمَنْ يَجْعَلِ الْمَعْرُوفَ مِنْ دُونِ عِرْضِهِ ... يَفِرْهُ ومن لا يتّقي الشَّتْمَ يُشْتَمِ
ثُمَّ كَرَّرَ سُبْحَانَهُ الْإِمْهَالَ لِإِبْلِيسَ اللَّعِينِ فَقَالَ: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ أَيِ: اسْتَزْعِجْ وَاسْتَخِفَّ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْ بَنِي آدَمَ، يُقَالُ: أَفَزَّهُ وَاسْتَفَزَّهُ، أَيْ: أَزْعَجَهُ وَاسْتَخَفَّهُ، وَالْمَعْنَى: اسْتَخِفَّهُمْ بِصَوْتِكَ دَاعِيًا لَهُمْ إِلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَقِيلَ: هُوَ الْغِنَاءُ وَاللَّهْوُ وَاللَّعِبُ وَالْمَزَامِيرُ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ قَالَ الْفَرَّاءُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: أَجْلِبْ مِنَ الْجَلَبَةِ وَالصِّيَاحِ، أَيْ: صِحْ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَيِ اجْمَعْ عَلَيْهِمْ كُلَّ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ مَكَايِدِكَ، فَالْإِجْلَابُ: الْجَمْعُ، وَالْبَاءُ فِي بِخَيْلِكَ زَائِدَةٌ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ:
الْإِجْلَابُ الْإِعَانَةُ، وَالْخَيْلُ تَقَعُ عَلَى الْفُرْسَانِ كَقَوْلِهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ: «يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي» ، وَتَقَعُ عَلَى الأفراس، والرجل بسكون الجيم: جمع رجل، كَتَاجِرٍ وَتَجْرٍ، وَصَاحِبٍ وَصَحْبٍ وَقَرَأَ حَفْصٌ بِكَسْرِ الْجِيمِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ.
قَالَ أَبُو زَيْدٍ: يُقَالُ رَجِلَ وَرَجُلَ، بِمَعْنَى رَاجِلٍ، فَالْخَيْلُ وَالرَّجْلُ كِنَايَةٌ عَنْ جَمِيعِ مَكَايِدِ الشَّيْطَانِ، أَوِ الْمُرَادُ كُلُّ رَاكِبٍ وَرَاجِلٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ أَمَّا الْمُشَارَكَةُ فِي الْأَمْوَالِ، فَهِيَ:
كُلُّ تَصَرُّفٍ فِيهَا يُخَالِفُ وَجْهَ الشَّرْعِ، سَوَاءٌ كَانَ أَخْذًا مِنْ غَيْرِ حَقٍّ، أَوْ وَضْعًا فِي غَيْرِ حَقٍّ كَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَالرِّبَا، وَمِنْ ذَلِكَ تَبْتِيكُ آذَانِ الْأَنْعَامِ وَجَعْلُهَا بَحِيرَةً وَسَائِبَةً، وَالْمُشَارَكَةُ فِي الْأَوْلَادِ دَعْوَى الْوَلَدِ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ، وَتَحْصِيلُهُ بِالزِّنَا وَتَسْمِيَتُهُمْ بِعَبْدِ اللَّاتَ وَعَبْدِ الْعُزَّى، وَالْإِسَاءَةُ فِي تَرْبِيَتِهِمْ عَلَى وَجْهٍ يَأْلَفُونَ فِيهِ خِصَالَ الشَّرِّ وَأَفْعَالَ السُّوءِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا قَتَلُوا مِنْ أَوْلَادِهِمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ، وَوَأْدُ الْبَنَاتِ وَتَصْيِيرُ أَوْلَادِهِمْ عَلَى الْمِلَّةِ الْكُفْرِيَّةِ الَّتِي هُمْ عَلَيْهَا، وَمِنْ ذَلِكَ مُشَارَكَةُ الشَّيْطَانِ لِلْمُجَامِعِ إِذَا لَمْ يُسَمِّ، ثُمَّ قَالَ: وَعِدْهُمْ قال الفراء:

[1] سبأ: 20.
[2] البقرة: 30.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 287
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست