responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 162
قالُوا لَا تَوْجَلْ أَيْ: قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ لَا تخف، وقرئ لا تأجل ولا تَوْجَلْ مِنْ أَوْجَلَهُ، أَيْ: أَخَافَهُ، وَجُمْلَةُ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ مُسْتَأْنَفَةٌ لِتَعْلِيلِ النَّهْيِ عَنِ الْوَجَلِ، وَالْعَلِيمُ: كَثِيرُ الْعِلْمِ، وَقِيلَ: هُوَ الْحَلِيمُ كَمَا وَقَعَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنَ الْقُرْآنِ وَهَذَا الْغُلَامُ: هُوَ إِسْحَاقُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي هُودٍ، وَلَمْ يُسَمِّهِ هُنَا وَلَا ذَكَرَ التَّبْشِيرَ بِيَعْقُوبَ اكْتِفَاءً بِمَا سَلَفَ قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِأَلِفِ الِاسْتِفْهَامِ، وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ «بَشَّرْتُمُونِي» بِغَيْرِ الْأَلِفِ عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: مَعَ حَالَةِ الْكِبَرِ وَالْهَرَمِ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ اسْتِفْهَامُ تَعَجُّبٍ، كَأَنَّهُ عَجِبَ مِنْ حُصُولِ الْوَلَدِ لَهُ مَعَ مَا قَدْ صَارَ إِلَيْهِ مِنَ الْهَرَمِ الَّذِي جَرَتِ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ لَا يُولَدُ لِمَنْ بَلَغَ إِلَيْهِ، وَالْمَعْنَى: فَبِأَيِّ شَيْءٍ تُبَشِّرُونَ، فَإِنَّ الْبِشَارَةَ بِمَا لَا يَكُونُ عَادَةً لَا تَصِحُّ. وَقَرَأَ نَافِعٌ «تُبَشِّرُونِ» بِكَسْرِ النُّونِ وَالتَّخْفِيفِ وَإِبْقَاءِ الْكِسْرَةِ لِتَدُلَّ عَلَى الْيَاءِ الْمَحْذُوفَةِ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ بِكَسْرِ النُّونِ مُشَدَّدَةً عَلَى إِدْغَامِ النُّونِ فِي النُّونِ، وَأَصْلُهُ تُبَشِّرُونَنِي. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «تُبَشِّرُونَ» بِفَتْحِ النُّونِ قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ أَيْ: بِالْيَقِينِ الَّذِي لَا خُلْفَ فِيهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ وَعْدُ اللَّهِ وَهُوَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ وَلَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَإِنَّهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ هَكَذَا قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ «مِنَ الْقَنِطِينَ» بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو، أَيْ: مِنَ الْآيِسِينَ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي بَشَّرْنَاكَ بِهِ قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ قُرِئَ بِفَتْحِ النُّونِ مَنْ يَقْنَطُ وَبِكَسْرِهَا وَهُمَا لُغَتَانِ. وَحُكِيَ فِيهِ ضَمُّ النون. والضالون: الْمُكَذِّبُونَ، أَوِ الْمُخْطِئُونَ الذَّاهِبُونَ عَنْ طَرِيقِ الصَّوَابِ، أَيْ: إِنَّمَا اسْتَبْعَدْتُ الْوَلَدَ لِكِبَرِ سَنِّي لَا لِقُنُوطِي مِنْ رَحْمَةِ رَبِّي ثُمَّ سَأَلَهُمْ عَمَّا لأجله أرسلهم الله سبحانه ف قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ الْخَطْبُ: الْأَمْرُ الْخَطِيرُ وَالشَّأْنُ الْعَظِيمُ، أَيْ: فَمَا أَمْرُكُمْ وَشَأْنُكُمْ وَمَا الَّذِي جِئْتُمْ بِهِ غَيْرَ مَا قَدْ بَشَّرْتُمُونِي بِهِ، وَكَأَنَّهُ قَدْ فَهِمَ أَنَّ مَجِيئَهُمْ لَيْسَ لِمُجَرَّدِ الْبِشَارَةِ، بَلْ لَهُمْ شَأْنٌ آخَرُ لِأَجْلِهِ أُرْسِلُوا قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ أَيْ: إِلَى قَوْمٍ لَهُمْ إِجْرَامٌ، فَيَدْخُلُ تَحْتَ ذَلِكَ الشِّرْكُ وَمَا هُوَ دُونَهُ، وَهَؤُلَاءِ الْقَوْمُ: هُمْ قَوْمُ لُوطٍ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْهُمْ مَنْ لَيْسُوا مُجْرِمِينَ فَقَالَ: إِلَّا آلَ لُوطٍ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ لِأَنَّهُ مِنَ الضَّمِيرِ فِي مُجْرِمِينَ، وَلَوْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ لَكَانَ مُنْقَطِعًا لِكَوْنِهِمْ قَدْ وُصِفُوا بِكَوْنِهِمْ مُجْرِمِينَ، وَلَيْسَ آلُ لُوطٍ مُجْرِمِينَ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا سَيَخْتَصُّ بِهِ آلُ لُوطٍ مِنَ الْكَرَامَةِ لِعَدَمِ دُخُولِهِمْ مَعَ الْقَوْمِ فِي إِجْرَامِهِمْ فَقَالَ: إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ أَيْ: آلَ لُوطٍ، وَهُمْ أَتْبَاعُهُ وَأَهْلُ دِينِهِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ مُتَّصِلًا، كَأَنَّهُ قِيلَ:
مَاذَا يَكُونُ حَالُ آلِ لُوطٍ؟ فَقَالَ: إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ، وَأَمَّا عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ مُنْقَطِعًا فَهِيَ خَبَرٌ، أَيْ: لَكِنَّ آلَ لُوطٍ نَاجُونَ مِنْ عَذَابِنَا. وَقَرَأَ حمزة والكسائي لَمُنَجُّوهُمْ بالتخفيف من أنجى. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ مِنْ نَجَّى. وَاخْتَارَ هَذِهِ القراءة الأخيرة أبو عبيد وَأَبُو حَاتِمٍ، وَالتَّنْجِيَةُ وَالْإِنْجَاءُ: التَّخْلِيصُ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ غَيْرُهُمْ إِلَّا امْرَأَتَهُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الضَّمِيرِ فِي مُنَجُّوهُمْ إِخْرَاجًا لَهَا مِنَ التَّنْجِيَةِ أَيْ: إِلَّا امْرَأَتَهُ فَلَيْسَتْ مِمَّنْ نُنْجِيهِ بَلْ مِمَّنْ نُهْلِكُهُ وَقِيلَ: إِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ آلِ لُوطٍ بِاعْتِبَارِ مَا حُكِمَ لَهُمْ بِهِ مِنَ التنجية، والمعنى:
قالوا: إننا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ لِنُهْلِكَهُمْ إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ إِلَّا امْرَأَتَهُ فَإِنَّهَا مِنَ الْهَالِكِينَ، وَمَعْنَى قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ قَضَيْنَا وَحَكَمْنَا أَنَّهَا مِنَ الْبَاقِينَ فِي الْعَذَابِ مَعَ الكفرة، والغابر الباقي، قال الشاعر [1] :

[1] هو الحارث بن حلزة.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 162
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست