responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 139
وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ الْهَوَاءُ فِي اللُّغَةِ: الْمُجَوَّفُ الْخَالِي الَّذِي لَمْ تَشْغَلْهُ الْأَجْرَامُ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ قُلُوبَهُمْ خَالِيَةٌ عَنِ الْعَقْلِ وَالْفَهْمِ لِمَا شَاهَدُوا مِنَ الْفَزَعِ وَالْحَيْرَةِ وَالدَّهَشِ، وَجَعْلُهَا نَفْسَ الْهَوَى مُبَالَغَةٌ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْأَحْمَقِ وَالْجَبَانِ قَلْبُهُ هَوَاءٌ، أَيْ: لَا رَأْيَ فِيهِ وَلَا قُوَّةَ وَقِيلَ: مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهَا خَرَجَتْ قُلُوبُهُمْ عَنْ مَوَاضِعِهَا فَصَارَتْ فِي الْحَنَاجِرِ.
وَقِيلَ: الْمَعْنَى: إِنَّ أَفْئِدَةَ الْكُفَّارِ فِي الدُّنْيَا خَالِيَةٌ عَنِ الْخَيْرِ وَقِيلَ: الْمَعْنَى: وَأَفْئِدَتُهُمْ ذَاتُ هَوَاءٍ. وَمِمَّا يُقَارِبُ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً [1] أَيْ: خَالِيًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ هَمِّ مُوسَى وَأَنْذِرِ النَّاسَ هَذَا رُجُوعٌ إِلَى خطاب رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَنْ يُنْذِرَ النَّاسَ، وَالْمُرَادُ النَّاسُ عَلَى الْعُمُومِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ كُفَّارُ مَكَّةَ، وَقِيلَ: الْكُفَّارُ عَلَى الْعُمُومِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ الْإِنْذَارَ كَمَا يَكُونُ لِلْكَافِرِ يَكُونُ أَيْضًا لِلْمُسْلِمِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ [2] . وَمَعْنَى: يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَيْ: خَوِّفْهُمْ هَذَا الْيَوْمَ، وَهُوَ يَوْمُ إِتْيَانِ الْعَذَابِ، وَإِنَّمَا اقْتُصِرَ عَلَى ذِكْرِ إِتْيَانِ الْعَذَابِ فِيهِ مَعَ كَوْنِهِ يَوْمَ إِتْيَانِ الثَّوَابِ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ تَهْدِيدٍ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ يَوْمُ مَوْتِهِمْ فَإِنَّهُ أَوَّلُ أَوْقَاتِ إِتْيَانِ الْعَذَابِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ يَوْمُ هَلَاكِهِمْ بِالْعَذَابِ الْعَاجِلِ، وَانْتِصَابُ يَوْمَ عَلَى أنه مفعول ثان لأنذر فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ الْمُرَادُ بِالَّذِينَ ظَلَمُوا هَاهُنَا هُمُ النَّاسُ، أَيْ: فَيَقُولُونَ، وَالْعُدُولُ إِلَى الْإِظْهَارِ مَكَانَ الْإِضْمَارِ لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّ الظُّلْمَ هُوَ الْعِلَّةُ فِيمَا نَزَلَ بِهِمْ، هَذَا إِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِالنَّاسِ هُمُ الْكُفَّارَ. وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الْمُرَادِ بِهِمْ مَنْ يَعُمُّ الْمُسْلِمِينَ، فَالْمَعْنَى: فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَهُمُ الْكُفَّارُ رَبَّنا أَخِّرْنا أَمْهِلْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ إِلَى أَمَدٍ مِنَ الزَّمَانِ مَعْلُومٍ غَيْرِ بَعِيدٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ أَيْ دَعْوَتَكَ لِعِبَادِكَ عَلَى أَلْسُنِ أَنْبِيَائِكَ إِلَى تَوْحِيدِكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ الْمُرْسَلِينَ مِنْكَ إِلَيْنَا فَنَعْمَلْ بِمَا بَلَّغُوهُ إِلَيْنَا مِنْ شَرَائِعِكَ، وَنَتَدَارَكْ مَا فَرَطَ مِنَّا مِنَ الْإِهْمَالِ، وَإِنَّمَا جُمِعَ الرُّسُلُ، لِأَنَّ دَعْوَتَهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ مُتَّفِقَةٌ، فَاتِّبَاعُ وَاحِدٍ مِنْهُمُ اتِّبَاعٌ لِجَمِيعِهِمْ، وَهَذَا مِنْهُمْ سُؤَالٌ لِلرُّجُوعِ إِلَى الدُّنْيَا لَمَّا ظَهَرَ لَهُمُ الْحَقُّ فِي الْآخِرَةِ: وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ [3] . ثُمَّ حَكَى سُبْحَانَهُ مَا يُجَابُ بِهِ عَنْهُمْ عِنْدَ أَنْ يَقُولُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ، فَقَالَ: أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوالٍ أَيْ: فَيُقَالُ لَهُمْ هَذَا الْقَوْلُ تَوْبِيخًا وتقريعا، أي: أو لم تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلِ هَذَا الْيَوْمِ مَا لَكَمَ مِنْ زَوَالٍ مِنْ دَارِ الدُّنْيَا وَقِيلَ: إِنَّهُ لَا قَسَمَ مِنْهُمْ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا كَانَ لِسَانُ حَالِهِمْ ذَلِكَ لِاسْتِغْرَاقِهِمْ فِي الشَّهَوَاتِ وَإِخْلَادِهِمْ إِلَى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَقِيلَ: قَسَمُهُمْ هَذَا هُوَ مَا حَكَاهُ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ [4] ، وَجَوَابُ الْقَسَمِ مَا لَكُمْ مِنْ زَوالٍ وَإِنَّمَا جَاءَ بِلَفْظِ الْخِطَابِ فِي مَا لَكَمَ مِنْ زَوَالٍ لِمُرَاعَاةِ أَقْسَمْتُمْ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقَالَ: مَا لَنَا مِنْ زَوَالٍ وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ أَيِ: اسْتَقْرَرْتُمْ، يُقَالُ: سَكَنَ الدَّارَ وَسَكَنَ فِيهَا، وَهِيَ بِلَادُ ثَمُودَ وَنَحْوِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْكُفْرِ بِاللَّهِ وَالْعِصْيَانِ لَهُ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ قَرَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ نُبَيِّنُ بِالنُّونِ وَالْفِعْلِ الْمُضَارِعِ. وَقَرَأَ مَنْ عَدَاهُ بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْفِعْلِ الْمَاضِي، أَيْ: تَبَيَّنَ لَكُمْ بِمُشَاهَدَةِ الْآثَارِ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ مِنَ الْعُقُوبَةِ وَالْعَذَابِ الشَّدِيدِ بِمَا فَعَلُوهُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَفَاعِلُ تَبَيَّنَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْجُمْلَةُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَهُ، أَيْ: تَبَيَّنَ لَكُمْ فِعْلُنَا العجيب بهم

[1] القصص: 10.
[2] يس: 11.
[3] الأنعام: 28.
[4] النحل: 38.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 139
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست