responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 108
أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَأَنَّ مَنْ لَمْ يُجِبْ دَعْوَتَهُ، وَيُصَدِّقْ نُبُوَّتَهُ فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ مُحَاسِبُهُ عَلَى مَا اجْتَرَمَ وَاجْتَرَأَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ أَوَلَمْ يَرَوْا يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ، وَالِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ، أَيْ أو لم يَنْظُرُوا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَيْ: نَأْتِي أَرْضَ الْكُفْرِ كَمَكَّةَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا بِالْفُتُوحِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيْئًا فَشَيْئًا. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّ بَيَانَ مَا وَعَدَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَهْرِهِمْ قَدْ ظَهَرَ، يَقُولُ:
أو لم يَرَوْا أَنَّا فَتَحْنَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأَرْضِ مَا قَدْ تَبَيَّنَ لَهُمْ، فَكَيْفَ لَا يَعْتَبِرُونَ؟ وَقِيلَ: إِنَّ مَعْنَى الْآيَةِ:
مَوْتُ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ. قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَعَلَى هَذَا فَالْأَطْرَافُ الْأَشْرَافُ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الطَّرَفُ:
الرَّجُلُ الْكَرِيمُ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَهَذَا الْقَوْلُ بِعِيدٌ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْآيَةِ: أَنَّا أَرَيْنَاهُمُ النُّقْصَانَ فِي أَمْرِهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ تَأْخِيرَ الْعِقَابِ عَنْهُمْ لَيْسَ عَنْ عَجْزٍ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَوْتِ أَحْبَارِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ:
خَرَابُ الْأَرْضِ الْمَعْمُورَةِ حَتَّى يَكُونَ الْعُمْرَانُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْآيَةِ: هَلَاكُ مَنْ هَلَكَ مِنَ الْأُمَمِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ: نَقْصُ ثَمَرَاتِ الْأَرْضِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ: جَوْرُ وُلَاتِهَا حَتَّى تَنْقُصَ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ أَيْ: يَحْكُمُ مَا يَشَاءُ فِي خَلْقِهِ، فَيَرْفَعُ هَذَا وَيَضَعُ هَذَا، وَيُحْيِي هَذَا وَيُمِيتُ هَذَا، وَيُغْنِي هَذَا وَيُفْقِرُ هَذَا، وَقَدْ حَكَمَ بِعِزَّةِ الْإِسْلَامِ وَعُلُوِّهِ عَلَى الْأَدْيَانِ، وَجُمْلَةُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَقِيلَ: مُعْتَرِضَةٌ. وَالْمُعَقِّبُ: الَّذِي يَكُرُّ عَلَى الشَّيْءِ فَيُبْطِلُهُ، وَحَقِيقَتُهُ الَّذِي يُقَفِّيهِ بِالرَّدِّ وَالْإِبْطَالِ. قَالَ الْفَرَّاءُ:
مَعْنَاهُ لَا رَادَّ لِحُكْمِهِ. قَالَ: وَالْمُعَقِّبُ الَّذِي يَتْبَعُ الشَّيْءَ فَيَسْتَدْرِكُهُ، وَلَا يَسْتَدْرِكُ أَحَدٌ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَقَّبُ أَحَدٌ حُكْمَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِنَقْصٍ وَلَا تَغْيِيرٍ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ فَيُجَازِي الْمُحْسِنَ بِإِحْسَانِهِ، وَالْمُسِيءَ بِإِسَاءَتِهِ عَلَى السُّرْعَةِ وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً أَيْ: قَدْ مَكَرَ الْكُفَّارُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِ كَفَّارِ مَكَّةَ بِمَنْ أَرْسَلَهُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ مِنَ الرُّسُلِ فَكَادُوهُمْ وَكَفَرُوا بِهِمْ، وَهَذَا تَسْلِيَةٌ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حَيْثُ أَخْبَرَهُ أَنَّ هَذَا دَيْدَنُ الْكُفَّارِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ مَعَ رُسُلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِأَنَّ مَكْرَهُمْ هَذَا كَالْعَدَمِ، وَأَنَّ الْمَكْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ. فَقَالَ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً لَا اعْتِدَادَ بِمَكْرِ غَيْرِهِ، ثُمَّ فَسَّرَ سُبْحَانَهُ هَذَا الْمَكْرَ الثَّابِتَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ، فَقَالَ: يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ فَيُجَازِيهَا عَلَى ذَلِكَ، وَمَنْ عَلِمَ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَأَعَدَّ لَهَا جَزَاءَهَا كَانَ الْمَكْرُ كُلُّهُ لَهُ، لِأَنَّهُ يَأْتِيهِمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ. وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ: إِنَّ مَكْرَ الْمَاكِرِينَ مخلوق فلا يضرّ إلا بإرادته وقيل: المعنى: فلله جزاء مكر الماكرين وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو «الْكَافِرُ» بِالْإِفْرَادِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «الْكُفَّارَ» بِالْجَمْعِ، أَيْ: سَيَعْلَمُ جِنْسُ الْكَافِرِ لِمَنِ الْعَاقِبَةُ الْمَحْمُودَةُ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ فِي دَارِ الدُّنْيَا، أَوْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، أَوْ فِيهِمَا وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْكَافِرِ: أَبُو جَهْلٍ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا أَيْ: يَقُولُ الْمُشْرِكُونَ أَوْ جَمِيعُ الْكُفَّارِ: لَسْتَ يَا مُحَمَّدُ مُرْسَلًا إِلَى النَّاسِ مِنَ اللَّهِ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَنْ يُجِيبَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَهُوَ يَعْلَمُ صِحَّةَ رِسَالَتِي، وَصِدْقَ دَعَوَاتِي، وَيَعْلَمُ كَذِبَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ أَيْ:
عِلْمُ جِنْسِ الْكِتَابِ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، فَإِنَّ أَهْلَهُمَا الْعَالِمِينَ بِهِمَا يَعْلَمُونَ صِحَّةَ رِسَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَنَحْوِهِمْ، وَقَدْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 3  صفحه : 108
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست