responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 425
ابن حَبِيبٍ: إِنَّ الْفَقِيرَ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْمِسْكِينِ، قَالُوا: لِأَنَّ الْفَقِيرَ هُوَ الَّذِي لَهُ بَعْضُ مَا يَكْفِيهِ وَيُقِيمُهُ، وَالْمِسْكِينُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ، وَذَهَبَ إِلَى هَذَا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ آخَرُونَ بِالْعَكْسِ، فَجَعَلُوا الْمِسْكِينَ أَحْسَنَ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ، وَاحْتَجُّوا بقوله تعالى أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ [1] فَأَخْبَرَ أَنَّ لَهُمْ سَفِينَةً مِنْ سُفُنِ الْبَحْرِ، وَرُبَّمَا سَاوَتْ جُمْلَةً مِنَ الْمَالِ، وَيُؤَيِّدُهُ تَعَوُّذُ النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ مِنَ الْفَقْرِ مَعَ قَوْلِهِ: «اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا» وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَحَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنِ الْكُوفِيِّينَ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ. وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّ الْفَقِيرَ وَالْمِسْكِينَ سَوَاءٌ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَائِرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ. وَقَالَ قَوْمٌ: الْفَقِيرُ: الْمُحْتَاجُ الْمُتَعَفِّفُ، وَالْمِسْكِينُ: السَّائِلُ. قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ شَعْبَانَ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَدْ قِيلَ غَيْرُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ مِمَّا لَا يَأْتِي الِاسْتِكْثَارُ مِنْهُ بِفَائِدَةٍ يُعْتَدُّ بِهَا. وَالْأَوْلَى فِي بَيَانِ مَاهِيَّةِ الْمِسْكِينِ مَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَّافِ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ فَتَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، قَالُوا: فَمَا الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ، وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ. وَلَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا» . قَوْلُهُ: وَالْعامِلِينَ عَلَيْها أَيِ: السُّعَاةِ وَالْجُبَاةِ الَّذِينَ يَبْعَثُهُمُ الْإِمَامُ لِتَحْصِيلِ الزَّكَاةِ، فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ مِنْهَا قِسْطًا.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَأْخُذُونَهُ مِنْهَا، فَقِيلَ: الثُّمُنُ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالشَّافِعِيِّ. وَقِيلَ:
عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ مِنَ الْأُجْرَةِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ. وَقِيلَ: يُعْطَوْنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَدْرَ أُجْرَتِهِمْ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ، وَلَا وَجْهَ لِهَذَا، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَخْبَرَ بِأَنَّ لَهُمْ نَصِيبًا مِنَ الصَّدَقَةِ، فَكَيْفَ يُمْنَعُونَ مِنْهَا، وَيُعْطَوْنَ مِنْ غَيْرِهَا؟ وَاخْتَلَفُوا: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ هَاشِمِيًّا أَمْ لَا؟ فَمَنَعَهُ قَوْمٌ، وَأَجَازَهُ آخَرُونَ. قَالُوا:
وَيُعْطَى مِنْ غَيْرِ الصَّدَقَةِ. قَوْلُهُ: وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ هُمْ قَوْمٌ كَانُوا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ، فَقِيلَ: هُمُ الْكُفَّارُ الَّذِينَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلّم يتألفهم ليسلموا، كانوا لَا يَدْخُلُونَ فِي الْإِسْلَامِ بِالْقَهْرِ وَالسَّيْفِ، بَلْ بِالْعَطَاءِ، وَقِيلَ:
هُمْ قَوْمٌ أَسْلَمُوا فِي الظَّاهِرِ، وَلَمْ يَحْسُنْ إِسْلَامُهُمْ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَلَّفُهُمْ بِالْعَطَاءِ وَقِيلَ: هُمْ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى وَقِيلَ: هُمْ قَوْمٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ لَهُمْ أَتْبَاعٌ، أَعْطَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ لِيَتَأَلَّفُوا أَتْبَاعَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَقَدْ أَعْطَى النبيّ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ جَمَاعَةً مِمَّنْ أَسْلَمَ ظَاهِرًا كَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ وَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَحُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، أَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ تَأَلَّفَهُمْ بِذَلِكَ، وَأَعْطَى آخَرِينَ دُونَهُمْ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ سَهْمُ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ بَاقٍ بَعْدِ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ عُمَرُ وَالْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ:
قَدِ انْقَطَعَ هَذَا الصِّنْفُ بِعِزَّةِ الْإِسْلَامِ وَظُهُورِهِ، وَهَذَا مَشْهُورٌ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَدِ ادَّعَى بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعَتْ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: سَهْمُهُمْ بَاقٍ لِأَنَّ الْإِمَامَ رُبَّمَا احْتَاجَ أَنْ يَتَأَلَّفَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا قَطَعَهُمْ عُمَرُ لَمَّا رَأَى مِنْ إِعْزَازِ الدِّينِ. قَالَ يُونُسُ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْهُمْ فَقَالَ:
لَا أَعْلَمُ نَسْخَ ذَلِكَ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَرْجِعُ سَهْمُهُمْ لِسَائِرِ الْأَصْنَافِ. قَوْلُهُ: وَفِي الرِّقابِ أي: في

[1] الكهف: 79.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 425
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست