responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 422
بِأَمْرٍ مِنْهُمَا، وَسُمِّيَ الْأَمْرُ مِنْهُمَا: إِكْرَاهًا لِأَنَّهُمْ مُنَافِقُونَ لَا يَأْتَمِرُونَ بِالْأَمْرِ، فَكَانُوا بِأَمْرِهِمُ الَّذِي لَا يَأْتَمِرُونَ بِهِ كَالْمُكْرَهِينَ عَلَى الْإِنْفَاقِ، أَوْ طَائِعِينَ مِنْ غَيْرِ إِكْرَاهٍ مِنْ رُؤَسَائِكُمْ أَوْ مُكْرَهِينَ مِنْهُمْ، وَجُمْلَةُ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ قَبُولِ إِنْفَاقِهِمْ، وَالْفِسْقُ: التَّمَرُّدُ وَالْعُتُوُّ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ لُغَةً وَشَرْعًا ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ السَّبَبَ الْمَانِعَ مِنْ قَبُولِ نَفَقَاتِهِمْ فَقَالَ: وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ أَيْ: كُفْرُهُمْ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ جَعَلَ الْمَانِعَ مِنَ الْقَبُولِ ثَلَاثَةَ أُمُورٍ: الْأَوَّلُ: الْكُفْرُ الثَّانِي: أَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ إِلَّا فِي حَالِ الْكَسَلِ وَالتَّثَاقُلِ، لِأَنَّهُمْ لَا يَرْجُونَ ثَوَابًا وَلَا يَخَافُونَ عقابا فصلاتهم ليست إلا رياء للناس، وتظهرا بِالْإِسْلَامِ الَّذِي يُبْطِنُونَ خِلَافَهُ وَالثَّالِثُ: أَنَّهُمْ لَا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ، وَلَا يُنْفِقُونَهَا طَوْعًا لِأَنَّهُمْ يَعُدُّونَ إِنْفَاقَهَا وَضْعًا لَهَا فِي مَضْيَعَةٍ لِعَدَمِ إِيمَانِهِمْ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. قَوْلُهُ: فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ الْإِعْجَابُ بِالشَّيْءِ: أَنْ يُسَرَّ بِهِ سُرُورًا رَاضٍ بِهِ مُتَعَجِّبٌ مِنْ حُسْنِهِ، قِيلَ:
مَعَ نَوْعٍ مِنَ الِافْتِخَارِ وَاعْتِقَادِ أَنَّهُ لَيْسَ لِغَيْرِهِ مَا يُسَاوِيهِ وَالْمَعْنَى: لَا تَسْتَحْسِنْ مَا مَعَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا بِمَا يَحْصُلُ مَعَهُمْ مِنَ الْغَمِّ وَالْحُزْنِ عِنْدَ أَنْ يَغْنَمَهَا الْمُسْلِمُونَ وَيَأْخُذُوهَا قَسْرًا مِنْ أَيْدِيهِمْ مَعَ كَوْنِهَا زِينَةَ حَيَاتِهِمْ وَقُرَّةَ أَعْيُنِهِمْ، وَكَذَا فِي الْآخِرَةِ يُعَذِّبُهُمْ بِعَذَابِ النَّارِ بِسَبَبِ عَدَمِ الشُّكْرِ لِرَبِّهِمُ الَّذِي أَعْطَاهُمْ ذَلِكَ، وَتَرْكِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الزَّكَاةِ فِيهَا، وَالتَّصَدُّقِ بِمَا يَحِقُّ التَّصَدُّقُ بِهِ، وَقِيلَ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَالْمَعْنَى: فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهُمْ مُنَافِقُونَ، فَهُمْ يُنْفِقُونَ كَارِهِينَ فَيُعَذَّبُونَ بِمَا يُنْفِقُونَ. قَوْلُهُ: وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ الزُّهُوقُ: الْخُرُوجُ بِصُعُوبَةٍ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ يُرِيدُ أَنْ تَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ، وَتَخْرُجَ أَرْوَاحُهُمْ حَالَ كُفْرِهِمْ، لِعَدَمِ قَبُولِهِمْ لِمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ، وَأُرْسِلَتْ بِهِ الرُّسُلُ، وَتَصْمِيمِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ وَتَمَادِيهِمْ فِي الضَّلَالَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَوْعًا آخَرَ مِنْ قَبَائِحِ الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ: وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ أَيْ: مِنْ جُمْلَتِكُمْ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ وَالِانْقِيَادِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَلِكِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَما هُمْ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ إِلَّا بِمُجَرَّدِ ظَوَاهِرِهِمْ دُونَ بَوَاطِنِهِمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ أَيْ: يَخَافُونَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ مَا نَزَلْ بِالْمُشْرِكِينَ مِنَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ، فَيُظْهِرُونَ لَكُمُ الْإِسْلَامَ تَقِيَّةً مِنْهُمْ، لَا عَنْ حَقِيقَةٍ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً يَلْتَجِئُونَ إِلَيْهِ، وَيَحْفَظُونَ نُفُوسَهُمْ فِيهِ مِنْكُمْ مِنْ حِصْنٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ مَغاراتٍ: جَمْعُ مَغَارَةٍ، مِنْ غَارَ يَغِيرُ. قَالَ الْأَخْفَشُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ: أَغَارَ يُغِيرُ، وَالْمَغَارَاتُ: الْغِيرَانُ وَالسَّرَادِيبُ، وَهِيَ الْمَوَاضِعُ الَّتِي يَسْتَتِرُ فِيهَا، وَمِنْهُ غَارَ الْمَاءُ وَغَارَتِ الْعَيْنُ وَالْمَعْنَى: لَوْ وَجَدُوا أَمْكِنَةً يُغَيِّبُونَ فِيهَا أَشْخَاصَهُمْ هَرَبًا مِنْكُمْ أَوْ مُدَّخَلًا مِنَ الدُّخُولِ، أَيْ: مَكَانًا يَدْخُلُونَ فِيهِ مِنَ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي لَيْسَتْ مَغَارَاتٍ. قَالَ النَّحَّاسُ: الْأَصْلُ فِيهِ مُتْدَخَلٌ قُلِبَتِ التَّاءُ دَالًا، وَقِيلَ:
أَصْلُهُ مُدْتَخَلٌ. وَقَرَأَ أُبَيٌّ متدخلا وروي عنه أنه مُنْدَخَلًا بِالنُّونِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ: أَوْ مَدْخَلًا بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَيُقْرَأُ أَوْ مُدْخَلًا بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ مَعَ ضَمِّ الْمِيمِ لَوَلَّوْا إِلَيْهِ أَيْ: لَالْتَجَئُوا إليه وأدخلوا أنفسهم فيه وَالحال أن هُمْ يَجْمَحُونَ أَيْ: يُسْرِعُونَ إِسْرَاعًا لَا يَرُدُّهُمْ شَيْءٌ، من جمع الْفَرَسُ: إِذَا لَمْ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 422
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست