responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 396
عَلَيْهِنَّ، وَالْمُرَادُ بِالْمَسَاكِنِ الَّتِي يَرْضَوْنَهَا: الْمَنَازِلُ الَّتِي تُعْجِبُهُمْ وَتَمِيلُ إِلَيْهَا أَنْفُسُهُمْ وَيَرَوْنَ الْإِقَامَةَ فِيهَا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمُهَاجَرَةِ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وأحبّ خَبَرُ كَانَ، أَيْ: كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْآيَةِ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمِنَ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَرَبَّصُوا أَيِ: انْتَظِرُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ فِيكُمْ وَمَا تَقْتَضِيهِ مَشِيئَتُهُ مِنْ عُقُوبَتِكُمْ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِأَمْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ: الْقِتَالُ وَقِيلَ: فَتْحُ مَكَّةَ وَفِيهِ بُعْدٌ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ نَزَلَتْ بَعْدَ الْفَتْحِ. وَفِي هَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ وَيُؤَكِّدُهُ إِبْهَامُ الْأَمْرِ وَعَدَمُ التَّصْرِيحِ بِهِ لِتَذْهَبَ أَنْفُسَهُمْ كُلَّ مَذْهَبٍ وَتَتَرَدَّدَ بَيْنَ أَنْوَاعِ الْعُقُوبَاتِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ أَيِ: الْخَارِجِينَ عَنْ طَاعَتِهِ، النَّافِرِينَ عَنِ امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيِهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أمروا بالهجرة فقال العباس ابن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: أَنَا أَسْقِي الْحَاجَّ. وَقَالَ طَلْحَةُ أَخُو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ: أَنَا أَحْجُبُ الْكَعْبَةَ فَلَا نُهَاجِرُ، فَأُنْزِلَتْ لَا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُقَاتِلٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: هِيَ الْهِجْرَةُ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ اقْتَرَفْتُمُوها قَالَ: أَصَبْتُمُوهَا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ قَالَ: بِالْفَتْحِ، فِي أَمْرِهِ بِالْهِجْرَةِ، هَذَا كُلُّهُ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبٍ قَالَ: جَعَلَ أَبُو أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ يَنْعَتُ لَهُ الْآلِهَةَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَجَعَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَحِيدُ عَنْهُ، فَلَمَّا أَكْثَرَ الْجَرَّاحُ قَصَدَهُ ابْنُهُ أَبُو عُبَيْدَةَ فَقَتَلَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ الْآيَةَ، وَهِيَ تُؤَكِّدُ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ حُكْمِ الْهِجْرَةِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ.

[سورة التوبة (9) : الآيات 25 الى 27]
لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (26) ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (27)
الْمَوَاطِنُ: جَمْعُ مَوْطِنٍ، وَمَوَاطِنُ الْحَرْبِ: مَقَامَاتُهَا، وَالْمَوَاطِنُ الَّتِي نَصَرَ اللَّهُ المسلمين فيها: هي يوم بدر وما بعد، مِنَ الْمَوَاطِنِ الَّتِي نَصَرَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْكُفَّارِ فِيهَا، قَبْلَ يَوْمِ حُنَيْنٍ، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ مَعْطُوفٌ عَلَى مُوَاطِنَ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، إِمَّا فِي الْأَوَّلِ وَتَقْدِيرُهُ فِي أَيَّامِ مُوَاطِنَ، أَوْ فِي الثَّانِي وَتَقْدِيرُهُ وَمَوْطِنِ يَوْمِ حُنَيْنٍ، لِئَلَّا يَعْطِفُ الزَّمَانُ عَلَى الْمَكَانِ. وَرَدَّ بِأَنَّهُ لَا اسْتِبْعَادَ فِي عَطْفِ الزَّمَانِ عَلَى الْمَكَانِ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرٍ وَقِيلَ:
إِنَّ يَوْمَ حُنَيْنٍ: مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى نَصَرَكُمُ أَيْ: وَنَصَرَكُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَرَجَّحَ هَذَا صَاحِبُ الْكَشَّافِ. قَالَ: وَمُوجِبُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ بَدَلٌ مِنْ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَلَوْ جُعِلَتْ نَاصِبَةً هَذَا الظَّاهِرُ لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّ كَثْرَتَهُمْ لَمْ تُعْجِبْهُمْ فِي جَمِيعِ تِلْكَ الْمَوَاطِنِ، وَلَمْ يَكُونُوا كَثِيرًا فِي جَمِيعِهَا، وَرَدَّ بِأَنَّ الْعَطْفَ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 396
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست