responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 384
الِاسْتِثْنَاءُ بِقَوْلِهِ إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ قَالَ الزَّجَّاجُ: إِنَّهُ يَعُودُ إِلَى قَوْلِهِ بَراءَةٌ وَالتَّقْدِيرُ: بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الْمُعَاهَدِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَّا الَّذِينَ لَمْ يَنْقُضُوا الْعَهْدَ مِنْهُمْ. وَقَالَ فِي الْكَشَّافِ: إِنَّهُ مُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَسِيحُوا وَالتَّقْدِيرُ: فَقُولُوا لَهُمْ: فَسِيحُوا إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ، ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ، فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ. قَالَ: وَالِاسْتِثْنَاءُ: بِمَعْنَى الِاسْتِدْرَاكِ، كَأَنَّهُ قِيلَ- بَعْدَ أَنْ أُمِرُوا فِي النَّاكِثِينَ-: وَلَكِنِ الَّذِينَ لَمْ يَنْكُثُوا فأتموا إليهم عهدهم ولا تجروهم مجراهم. وَقَدِ اعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قَدْ تَخَلَّلَ الْفَاصِلُ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَهُوَ وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ إِلَخْ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ وَقِيلَ: إِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الْمَذْكُورِينَ قَبْلَهُ، فَيَكُونُ مُتَّصِلًا وَهُوَ ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ: ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً أَيْ: لَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ أَيُّ نَقْصٍ. وَإِنْ كَانَ يَسْيرًا، وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ يَنْقُضُوكُمْ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: لَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَكُمْ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ مَنْ خَاسَ بِعَهْدِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَقْضِ عَهِدِ مَنْ نَقَضَ، وَبِالْوَفَاءِ لِمَنْ لَمْ يَنْقُضْ إِلَى مُدَّتِهِ وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً الْمُظَاهَرَةُ:
الْمُعَاوَنَةُ، أَيْ: لَمْ يُعَاوِنُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا مِنْ أَعْدَائِكُمْ فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ أَيْ: أَدُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ تَامًّا غَيْرَ نَاقِصٍ إِلى مُدَّتِهِمْ التي عاهدتموهم إليها، وإن كانت أكبر مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَلَا تُعَامِلُوهُمْ مُعَامَلَةَ النَّاكِثِينَ مِنَ الْقِتَالِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ سَابِقًا، وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسُونَ يَوْمًا عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ.
قَوْلُهُ: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ انْسِلَاخُ الشَّهْرِ: تَكَامُلُهُ جُزْءًا فَجُزْءًا إِلَى أَنْ يَنْقَضِيَ، كَانْسِلَاخِ الْجِلْدِ عَمَّا يَحْوِيهِ. شَبَّهَ خُرُوجَ الْمُتَزَمِّنُ عَنْ زَمَانِهِ بِانْفِصَالِ الْمُتَمَكِّنِ عَنْ مَكَانِهِ، وَأَصْلُهُ الِانْسِلَاخُ الْوَاقِعُ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَجَلْدِهِ، فَاسْتُعِيرَ لِانْقِضَاءِ الْأَشْهُرِ، يُقَالُ: سَلَخْتُ الشَّهْرَ تَسْلُخُهُ سَلْخًا وَسُلُوخًا بِمَعْنَى: خَرَجْتُ مِنْهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذَا مَا سَلَخْتُ الشَّهْرَ أَهَلَلْتُ مِثْلَهُ ... كَفَى قَاتِلًا سِلْخِي الشُّهُورِ وَإِهْلَالِي
وَيُقَالُ: سَلَخَتِ الْمَرْأَةُ دِرْعَهَا: نَزَعَتْهُ، وَفِي التَّنْزِيلِ: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ [1] .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَعْيِينِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ الْمَذْكُورَةِ هَاهُنَا، فَقِيلَ: هِيَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ الْمَعْرُوفَةُ الَّتِي هِيَ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ، وَمُحَرَّمٌ، وَرَجَبٌ: ثَلَاثَةٌ سَرْدٌ، وَوَاحِدٌ فَرْدٌ. وَمَعْنَى الْآيَةِ عَلَى هَذَا وُجُوبُ الْإِمْسَاكِ عَنْ قِتَالِ مَنْ لَا عَهْدَ لَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ. وَقَدْ وَقَعَ النِّدَاءُ وَالنَّبْذُ إِلَى الْمُشْرِكِينَ بِعَهْدِهِمْ يَوْمَ النَّحْرِ، فَكَانَ الْبَاقِي مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ الَّتِي هِيَ الثَّلَاثَةُ الْمَسْرُودَةُ خَمْسِينَ يَوْمًا تَنْقَضِي بِانْقِضَاءِ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ يُوجَدُونَ، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمُ الضَّحَّاكُ وَالْبَاقِرُ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بها: شهور العهد المشار إليه بِقَوْلِهِ فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ وَسُمِّيَتْ حُرُمًا لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَرَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِيهَا دِمَاءَ الْمُشْرِكِينَ، وَالتَّعَرُّضَ لَهُمْ، وَإِلَى هَذَا ذهب جماعة

[1] يس: 37.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 384
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست