responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 350
مِنْ شَرْحِ أَحْوَالِ هَؤُلَاءِ الْكَفَرَةِ فِي الطَّاعَاتِ الْبَدَنِيَّةِ أَتْبَعَهَا شَرْحَ أَحْوَالِهِمْ فِي الطَّاعَاتِ الْمَالِيَّةِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ غَرَضَ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ فِي إِنْفَاقِ أَمْوَالِهِمْ هُوَ الصَّدُّ عَنْ سَبِيلِ الْحَقِّ بِمُحَارَبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَمْعِ الْجُيُوشِ لِذَلِكَ، وَإِنْفَاقِ أَمْوَالِهِمْ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ كَمَا وَقَعَ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ، وَيَوْمَ أُحُدٍ، وَيَوْمَ الْأَحْزَابِ، فَإِنَّ الرُّؤَسَاءَ كَانُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ عَلَى الْجَيْشِ ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنِ الْغَيْبِ عَلَى وَجْهِ الْإِعْجَازِ، فَقَالَ: فَسَيُنْفِقُونَها أَيْ: سَيَقَعُ مِنْهُمْ هَذَا الْإِنْفَاقُ ثُمَّ تَكُونُ عَاقِبَةُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ إِنْفَاقُهُمْ حَسْرَةً عَلَيْهِمْ، وكأن ذات الأموال تنقلب حسرة وتصير ندما، ثُمَّ آخر الأمر يُغْلَبُونَ كَمَا وَعَدَ اللَّهُ بِهِ فِي مِثْلِ قوله كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي. وَمَعْنَى (ثُمَّ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ: إِمَّا التَّرَاخِي فِي الزَّمَانِ، لِمَا بَيْنَ الْإِنْفَاقِ الْمَذْكُورِ، وَبَيْنَ ظُهُورِ دَوْلَةِ الْإِسْلَامِ مِنَ الِامْتِدَادِ، وَإِمَّا التَّرَاخِي فِي الرُّتْبَةِ، لِمَا بَيْنَ بَذْلِ الْمَالِ، وَعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنَ الْمُبَايَنَةِ، ثُمَّ قَالَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ أَيِ: اسْتَمَرُّوا عَلَى الْكُفْرِ، لِأَنَّ مِنْ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ الْمَذْكُورِينَ سَابِقًا مَنْ أَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، أَيْ: يُسَاقُونَ إِلَيْهَا لَا إِلَى غَيْرِهَا، ثُمَّ بَيَّنَ الْعِلَّةَ الَّتِي لِأَجْلِهَا فَعَلَ بِهِمْ مَا فَعَلَهُ فَقَالَ: لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ أَيِ: الْفَرِيقَ الْخَبِيثَ مِنَ الْكُفَّارِ مِنَ الْفَرِيقِ الطَّيِّبِ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ أَيْ: يَجْعَلَ فَرِيقَ الْكُفَّارِ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً عِبَارَةٌ عَنِ الجمع والضم، أي: يجمع بعضهم إلى بَعْضٍ، وَيَضُمَّ بَعْضَهُمْ إِلَى بَعْضٍ، حَتَّى يَتَرَاكَمُوا لِفَرْطِ ازْدِحَامِهِمْ، يُقَالُ: رَكَمَ الشَّيْءَ يَرْكُمُهُ: إِذَا جَمَعَهُ وَأَلْقَى بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ أُولئِكَ إِلَى الْفَرِيقِ الْخَبِيثِ هُمُ الْخاسِرُونَ أَيِ: الْكَامِلُونَ فِي الْخُسْرَانِ وَقِيلَ: الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ: صِفَةٌ لِلْمَالِ، وَالتَّقْدِيرُ: يَمِيزَ الْمَالَ الْخَبِيثَ الَّذِي أَنْفَقَهُ الْمُشْرِكُونَ، مِنَ الْمَالِ الطَّيِّبِ الَّذِي أَنْفَقَهُ الْمُسْلِمُونَ، فَيَضُمَّ تِلْكَ الْأَمْوَالَ الْخَبِيثَةَ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ فيلقيه فِي جَهَنَّمَ، وَيُعَذِّبَهُمْ بِهَا، كَمَا فِي قَوْلِهِ تعالى: فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ. قَالَ فِي الْكَشَّافِ: وَاللَّامُ عَلَى هَذَا مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً، وَعَلَى الْأَوَّلِ:
ب: يُحْشَرُونَ وأُولئِكَ إِشَارَةٌ إِلَى الَّذِينَ كَفَرُوا. انْتَهَى.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ثُمَّ اسْتَثْنَى أَهْلَ الشِّرْكِ فَقَالَ وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ قَالَ: عَذَابُهُمْ فَتْحُ مَكَّةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَأَبُو حَاتِمٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي قَوْلِهِ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَيْ: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَعَبَدَهُ، أَنْتَ وَمَنِ اتَّبَعَكَ، وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنْهُ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ عِنْدَهُ، أَيْ:
أَنْتَ وَمَنْ آمَنَ بِكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ قَالَ: مَنْ كَانُوا حَيْثُ كَانُوا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَتْ قُرَيْشٌ يُعَارِضُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّوَافِ وَيَسْتَهْزِئُونَ وَيُصَفِّرُونَ وَيُصَفِّقُونَ، فَنَزَلَتْ وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 350
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست