responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 388
الِاسْتِبْعَادُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ. قَوْلُهُ: كَذلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشاءُ أَيْ: يَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ مِنَ الْأَفْعَالِ الْعَجِيبَةِ مِثْلَ ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَهُوَ إِيجَادُ الْوَلَدِ مِنَ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْعَاقِرِ، وَالْكَافُ: فِي مَحَلِّ نَصْبٍ نَعْتًا لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، وَالْإِشَارَةُ إِلَى مَصْدَرِ يَفْعَلُ أَوِ الْكَافُ: فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهَا خَبَرٌ، أَيْ: عَلَى هَذَا الشَّأْنِ الْعَجِيبِ شَأْنِ اللَّهِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: يَفْعَلُ مَا يَشاءُ
بَيَانًا لَهُ، أَوِ الْكَافُ: فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: يَفْعَلُ اللَّهُ الْفِعْلَ كَائِنًا مِثْلَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً أَيْ: عَلَامَةً أَعْرِفُ بِهَا صِحَّةَ الْحَبَلِ، فَأَتَلَقَّى هَذِهِ النِّعْمَةَ بالشكر قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً أَيْ: عَلَامَتُكَ أَنْ تَحْبِسَ لِسَانَكَ عَنْ تَكْلِيمِ النَّاسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، لَا عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَذْكَارِ، وَوَجْهُ جَعْلِ الْآيَةِ هَذَا: لِتَخْلُصَ تِلْكَ الْأَيَّامُ لِذِكْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ شُكْرًا عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ وَقِيلَ: بِأَنَّ ذَلِكَ عُقُوبَةٌ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لَهُ بِسَبَبِ سُؤَالِهِ الْآيَةَ بَعْدَ مُشَافَهَةِ الْمَلَائِكَةِ إِيَّاهُ، حَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ. وَالرَّمْزُ فِي اللُّغَةِ: الْإِيمَاءُ بِالشَّفَتَيْنِ، أَوِ الْعَيْنَيْنِ، أَوِ الْحَاجِبَيْنِ، أَوِ الْيَدَيْنِ، وَأَصْلُهُ: الْحَرَكَةُ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، لِكَوْنِ الرَّمْزِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْكَلَامِ، وَقِيلَ: هُوَ مُتَّصِلٌ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْكَلَامَ مَا حَصَلَ بِهِ الْإِفْهَامُ مِنْ لَفْظٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ. وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَالَ الْأَخْفَشُ وَالْكِسَائِيُّ. قَوْلُهُ: وَسَبِّحْ أَيْ: سَبِّحْهُ بِالْعَشِيِّ وَهُوَ جَمْعُ عَشِيَّةٍ وَقِيلَ: هُوَ وَاحِدٌ، وَهُوَ مِنْ حِينِ تَزُولُ الشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَغِيبَ وَقِيلَ: مِنَ الْعَصْرِ إِلَى ذَهَابِ صَدْرِ اللَّيْلِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا وَالْإِبْكارِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى وَقْتِ الضُّحَى، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالتَّسْبِيحِ: الصَّلَاةُ. قوله: إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ الظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، كَالظَّرْفِ الْأَوَّلِ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ اخْتَارَكِ وَطَهَّرَكِ مِنَ الْكُفْرِ أَوْ مِنَ الأدناس عَلَى عُمُومِهَا وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ قِيلَ: هَذَا الِاصْطِفَاءُ الْآخَرُ غَيْرُ الِاصْطِفَاءِ الْأَوَّلِ، فَالْأَوَّلُ هُوَ حَيْثُ تَقَبَلَّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ، وَالْآخَرُ لِوِلَادَةِ عِيسَى. وَالْمُرَادُ بِالْعَالَمِينَ هُنَا: قِيلَ:
نِسَاءُ عَالَمِ زَمَانِهَا وَهُوَ الْحَقُّ وَقِيلَ: نِسَاءُ جَمِيعِ الْعَالَمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَاخْتَارَهُ الزَّجَّاجُ وَقِيلَ الِاصْطِفَاءُ الْآخَرُ تَأْكِيدٌ لِلِاصْطِفَاءِ الْأَوَّلِ، وَالْمُرَادُ بِهِمَا جَمِيعًا: واحد. قوله: يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ أَيْ: أَطِيلِي الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ، أو أديميها، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَعَانِي الْقُنُوتِ، وَقَدَّمَ السُّجُودَ عَلَى الرُّكُوعِ لِكَوْنِهِ أَفْضَلَ، أَوْ لِكَوْنِ صَلَاتِهِمْ لَا تَرْتِيبَ فِيهَا، مَعَ كَوْنِ الْوَاوِ لِمُجَرَّدِ الْجَمْعِ بِلَا تَرْتِيبٍ، وَقَوْلُهُ: وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ظَاهِرُهُ: أَنَّ رُكُوعَهَا يَكُونُ مَعَ رُكُوعِهِمْ، فَيَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَنَّهَا تَفْعَلُ مِثْلَ فِعْلِهِمْ وَإِنْ لَمْ تُصَلِّ مَعَهُمْ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: ذلِكَ إِلَى مَا سَبَقَ من الأمور التي أخبره اللَّهُ بِهَا. وَالْوَحْيُ فِي اللُّغَةِ: الْإِعْلَامُ فِي خَفَاءٍ، يُقَالُ: وَحَى وَأَوْحَى بِمَعْنَى: قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: الْوَحْيُ: الْإِشَارَةُ، وَالْكِتَابَةُ، وَالرِّسَالَةُ، وَكُلُّ مَا ألقيته إلى غيرك حتى يعلمه. قوله: وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ أي: تحضرنهم، يَعْنِي:
الْمُتَنَازِعِينَ فِي تَرْبِيَةِ مَرْيَمَ، وَإِنَّمَا نَفَى حُضُورَهُ عِنْدَهُمْ مَعَ كَوْنِهِ مَعْلُومًا لِأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا الوحي، كَانَ ذَلِكَ الْإِنْكَارُ صَحِيحًا لَمْ يَبْقَ طَرِيقٌ للعلم له إِلَّا الْمُشَاهَدَةُ وَالْحُضُورُ، وَهُمْ لَا يَدَّعُونَ ذَلِكَ فثبت كونه وحيا تَسْلِيمِهِمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ يَقْرَأُ التَّوْرَاةَ وَلَا مِمَّنْ يُلَابِسُ أَهْلَهَا. وَالْأَقْلَامُ: جَمْعُ قَلَمٍ، مِنْ قلمه: إذا قطعه، أي: أقلامهم يَكْتُبُونَ بِهَا وَقِيلَ: قُدَّاحُهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ أَيْ: يَحْضُنُهَا، أَيْ: يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ لِيَعْلَمُوا أَيُّهُمْ يكفلها، وذلك

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 388
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست