responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 231
وَرُبَّ أَسْرَابِ حَجِيجٍ كُظَّمِ ... عَنِ اللَّغَا وَرَفَثِ التَّكَلُّمِ
يُقَالُ: رَفَثَ يَرْفُثُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا. وَالْفُسُوقُ: الْخُرُوجُ عَنْ حُدُودِ الشَّرْعِ وَقِيلَ: هُوَ الذَّبْحُ لِلْأَصْنَامِ وَقِيلَ: التَّنَابُزُ بِالْأَلْقَابِ وَقِيلَ: السِّبَابُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِمَعْصِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَإِنَّمَا خَصَّصَهُ مَنْ خَصَّصَهُ بِمَا ذُكِرَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ قَدْ أُطْلِقَ عَلَى ذَلِكَ الْفَرْدِ اسْمُ الْفُسُوقِ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ فِي الذَّبْحِ لِلْأَصْنَامِ: أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [1] . وَقَالَ فِي التَّنَابُزِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ [2] . وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فِي السِّبَابِ «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ» . وَلَا يَخْفَى عَلَى عَارِفٍ أَنَّ إِطْلَاقَ اسْمِ الْفُسُوقِ عَلَى فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمَعَاصِي لَا يُوجِبُ اخْتِصَاصَهُ بِهِ. وَالْجِدَالُ: مُشْتَقٌّ مِنَ الْجَدَلِ، وَهُوَ: الفتل، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمُمَارَاةُ وَقِيلَ: السِّبَابُ وَقِيلَ: الْفَخْرُ بِالْآبَاءِ. وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. وَقَدْ قُرِئَ بِنَصْبِ الثَّلَاثَةِ وَرَفْعِهَا، وَرَفْعِ الْأَوَّلَيْنِ، وَنَصْبِ الثَّالِثِ وَعَكْسِ ذَلِكَ، وَمَعْنَى النَّفْيِ لِهَذِهِ الْأُمُورِ النَّهْيُ عَنْهَا. وَقَوْلُهُ: وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ حَثٌّ عَلَى الْخَيْرِ بَعْدَ ذِكْرِ الشَّرِّ، وَعَلَى الطَّاعَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَعْصِيَةِ، وَفِيهِ أَنَّ كُلَّ مَا يَفْعَلُونَهُ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ لَا يَفُوتُ مِنْهُ شَيْءٌ. وَقَوْلُهُ: وَتَزَوَّدُوا فِيهِ الْأَمْرُ بِاتِّخَاذِ الزَّادِ، لِأَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ كَانُوا يَقُولُونَ كَيْفَ نَحُجُّ بَيْتَ رَبِّنَا وَلَا يُطْعِمُنَا؟ فَكَانُوا يَحُجُّونَ بِلَا زَادٍ وَيَقُولُونَ: نَحْنُ مُتَوَكِّلُونَ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَقِيلَ: الْمَعْنَى: تَزَوَّدُوا لِمَعَادِكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ: فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ، كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ سَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ، وَسَيَأْتِي. وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى إِخْبَارٌ بِأَنَّ خَيْرَ الزَّادِ اتِّقَاءُ الْمَنْهِيَّاتِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ فِي إِتْيَانِ مَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنَ الْخُرُوجِ بِالزَّادِ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَقِيلَ: الْمَعْنَى: فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ مَا اتَّقَى بِهِ الْمُسَافِرُ مِنَ الْهَلَكَةِ والحاجة إلى السؤال والتكفف. وقوله: وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ فِيهِ التَّخْصِيصُ لِأُولِي الْأَلْبَابِ بِالْخِطَابِ بَعْدَ حَثِّ جَمِيعِ الْعِبَادِ عَلَى التَّقْوَى، لِأَنَّ أَرْبَابَ الْأَلْبَابِ هُمُ الْقَابِلُونَ لِأَوَامِرِ اللَّهِ، النَّاهِضُونَ بِهَا، وَلُبُّ كُلِّ شَيْءٍ: خَالِصُهُ. قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فِيهِ التَّرْخِيصُ لِمَنْ حَجَّ فِي التِّجَارَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا شَيْءٌ مِنَ الرِّزْقِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْفَضْلِ هُنَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [3] أَيْ: لَا إِثْمَ عَلَيْكُمْ فِي أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ مَعَ سَفَرِكُمْ لِتَأْدِيَةِ مَا افْتَرَضَهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْحَجِّ. قَوْلُهُ: فَإِذا أَفَضْتُمْ أَيْ: دَفَعْتُمْ، يُقَالُ: فَاضَ الْإِنَاءُ: إِذَا امْتَلَأَ مَاءً حَتَّى يَنْصَبَّ مِنْ نَوَاحِيهِ وَرَجُلٌ فَيَّاضٌ: أَيْ: مُتَدَفِّقَةٌ يَدَاهُ بِالْعَطَاءِ، وَمَعْنَاهُ: أَفَضْتُمْ أَنْفُسَكُمْ، فَتَرَكَ ذِكْرَ الْمَفْعُولِ، كَمَا تُرِكَ فِي قَوْلِهِمْ دَفَعُوا مِنْ مَوْضِعِ كَذَا. وعَرَفاتٍ: اسْمٌ لِتِلْكَ الْبُقْعَةِ، أَيْ: مَوْضِعِ الْوُقُوفِ، وَقَرَأَهُ الْجَمَاعَةُ بِالتَّنْوِينِ، وَلَيْسَ التَّنْوِينُ هُنَا لِلْفَرْقِ بَيْنَ مَا يَنْصَرِفُ وَمَا لَا يَنْصَرِفُ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ النُّونِ فِي مُسْلِمِينَ. قَالَ النَّحَّاسُ: هَذَا الْجَيِّدُ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ عَنِ الْعَرَبِ حَذْفَ التَّنْوِينِ مِنْ عَرَفَاتٍ، قَالَ:
لَمَّا جَعَلُوهَا مَعْرِفَةً حَذَفُوا التَّنْوِينَ. وَحَكَى الْأَخْفَشُ وَالْكُوفِيُّونَ فَتْحَ التَّاءِ تَشْبِيهًا بِتَاءِ فَاطِمَةَ، وَأَنْشَدُوا:
تَنَوَّرْتُهَا مِنْ أَذْرِعَاتَ وَأَهْلُهَا ... بِيَثْرِبَ أَدْنَى دَارِهَا نَظَرٌ عال
وَقَالَ فِي الْكَشَّافِ: فَإِنْ قُلْتَ هَلَّا مُنِعَتِ الصَّرْفَ، وَفِيهَا السَّبَبَانِ التَّعْرِيفُ وَالتَّأْنِيثُ، قُلْتُ: لَا يَخْلُو التَّأْنِيثُ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِالتَّاءِ الَّتِي فِي لَفْظِهَا، وَإِمَّا بِتَاءٍ مُقَدَّرَةٍ كَمَا فِي سعاد، فالتي في لفظها ليست للتأنيث

[1] الحجرات: 11.
[2] الأنعام: 145.
[3] الجمعة: 10.
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست