نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 3 صفحه : 324
هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} أي هم أهل النار لا يخرجون منها أبداً {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ الله جَمِيعاً} أي يحشرهم يوم القيامة جميعاً للحساب والجزاء {فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ} أي فيحلفون لله تعالى كما يحلفون لكم اليوم في الدنيا كذباً أنهم مسلمون قال بان عباس: هو قولهم: {والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ على شَيْءٍ} أي يظنون أن حلفهم في الآخرة ينفعهم وينجيهم من عذابها كما نفعهم في الدنيا بدفع القتل عنهم قال أبو حيان: والعجب منهم كيف يعتقدون أن كفرهم يخفى على علاَّم الغيوب، ويجرونه مجرى المؤمنين في عدم اطلاعهم على كفرهم ونفاقهم، والمقصود أنهم تعودوا الكذب حتى كان على ألسنتهم في الآخرة كما كان في الدنيا {أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الكاذبون} أي ألا فانتبهوا أيها الناس إِن هؤلاء هم البالغون في الكذب الغاية القصوى حيث تجاسروا على الكذب بين يدي علام الغيوب {استحوذ عَلَيْهِمُ الشيطان فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ الله} أي استولى على قلوبهم الشيطان وغلب عليهم تملَّك نفوسهم حتى أنساهم أن يذكروا ربهم {أولئك حِزْبُ الشَّيْطَانِ} أي أولئك هم أتباع الشيطان وأعوانه وأنصاره {أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ} أي أتباع الشيطان وجنوده هم الكاملون في الخسران والضلالة، لأنهم فوَّتوا على أنفسهم النعيم الدائم وعرضوها للعذاب المقيم {إِنَّ الَّذِينَ يُحَآدُّونَ الله وَرَسُولَهُ} أي يعادون الله ورسوله ويخالفون أمرهما {أولئك فِي الأذلين} أي أولئك في جملة الأذلاء المبعدين من رحمة الله {كَتَبَ الله لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ ورسلي} أي قضى الله وحكم أن الغلبة لدينه ورسله وعباده المؤمنين {إِنَّ الله قَوِيٌّ عَزِيزٌ} أي هو تعالى قويٌ على نصر رسله وأوليائه، غالبٌ على أعدائه، لا يُقهر ولا يُغلب قال مقاتل: لما فتح الله مكة والطائف وخيبر للمؤمنين قالوا: نرجو أن يُظهرنا الله على فارس والروم، فقال عبد الله بن سلول: أتظنون أن الروم وفارس كبعض القرى التي غلبتم عليها؟! والله إِنهم لأكثر عدداً، وأشد بطشاً من أن تظنوا فيهم ذلك فنزلت {تَبَ الله لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ ورسلي} {لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ الله وَرَسُولَهُ} أي لا يمكن أن ترى أيها السامع جماعة يصدقون بالله وباليوم الآخر يحبون ويوالون من عادى الله ورسوله وخالف أمرهما، لأن من أحبَّ الله عادى أعداءه، ولا يجتمع في قلب واحد حبٌّ الله وحبُّ أعدائه، كما لا يجتمع النور والظلام قال المفسرون: غرضُ الآية النهي عن مصادقة ومحبة الكفرة والمجرمين، ولكنها جاءت بصورة إِخبارٍ مبالغةً في النهي والتحذير قال الإِمام الفخر: المعنى أنه لا يجتمع الإِيمان مع حبِّ أعداء الله، وذلك لأن من أحبَّ أحداً امتنع أن يحب عدوه، لأنهما لا يجتمعان في القلب، فإِذا حصل في القلب مودة أعداء الله لم يحصل فيه الإِيمان {وَلَوْ كانوا آبَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} أي ولو كان هؤلاء المحادُّون لله ورسوله أقرب الناس إِليهم، كالآباء، والأبناء، والإِخوان، والعشير، فإِن قضية الإِيمان بالله تقتضي معاداة أعداء الله قال في البحر: بدأ بالآباء لأن طاعتهم واجبة على الأولاد، ثم بالأبناء لأنهم أعلق بالقلوب، ثم بالإِخوان لأنهم بهم التعاضد، ثم بالعشيرة لأن بهم التناصر والمقاتلة والتغلب على
نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 3 صفحه : 324