نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 3 صفحه : 303
باطنٌ بكنهه، وأنه تعالى جامعٌ بين الوصفين أزلاًَ وأبداً {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أي هو تعالى عالمٌ بكل ذرةٍ في الكون، لا يعزب عن عمله شيء في الأرض ولا في السماء {هُوَ الذي خَلَقَ السماوات والأرض فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} أي خلقهما في مقدار ستة أيام ولو شاء لخلقهما بلمح البصر، وهو تحقيقٌ لعزته، وكمال قدرته، كما أن قوله {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأرض} تحقيق لحكمته، وكمال علمه {ثُمَّ استوى عَلَى العرش} استواءً يليق بجلاله من غير تمثيلٍ ولا تكييفٍ {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأرض وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} أي يعلم ما يدخل في الأرض من مطر وأموات، وما يخرج منها من معادن ونبات وغير ذلك {وَمَا يَنزِلُ مِنَ السمآء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} أي وما ينزل من السماء من الأرزاق، والملائكة، والرحمة، والعذاب، وما يصعد فيها من الملائكة والأعمال الصالحة كقوله {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكلم الطيب} [فاطر: 10] {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} أي هو جل وعلا حاضرٌ مع كل أحدٍ بعلمه وإِحاطته قال ابن عباس: هو عالمٌ بكم أينما كنتم قال ابن كثير: أي هو رقيبٌ عليكم، شهيدٌ على أعمالكم، حيث كنتم وأين كنتم، من برٍّ وبحر، في ليلٍ أو نهار، في البيوت أو القفار، الجميع في علمه على السواء، يسمع كلامكم ويرى مكانكم، ويعلم سرَّكم ونجواكم {والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} أي رقيب على أعمال العباد، مطلع علىك ل صغيرة وكبيرة {لَّهُ مُلْكُ السماوات والأرض} كرره للتأكيد والتمهيد لإِثبات الحشر والنشر أي هو المعبود على الحقيقة، المتصرف في الخلق كيف يشاء {وَإِلَى الله تُرْجَعُ الأمور} أي إِليه وحده مرجع أمور الخلائق في الآخرة فيجازيهم على أعمالهم {يُولِجُ الليل فِي النهار وَيُولِجُ النهار فِي الليل} أي هو المتصرف في الكون كيف يشاء، يقلِّب الليل والنهار بحكمته وتقديره، ويدخل كلاً منهما في الآخر، فتارة يطول الليل ويقصر النهار، وأُخرى بالعكس {وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} أي هو العالم بالسرائر والضمائر، وما فيها من النوايا والخفايا، ومن كانت هذه صفته فلا يجوز أن يُعبد سواه.
. ثم لما ذكر دلائل عظمته وقدرته، أمر بتوحيده وطاعته فقال {آمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ} أي صدِّقوا بأن الله واحد وأن محمداً عبده ورسوله {وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} أي وتصدّقوا من الأموال التي جعلكم الله خلفاء في التصرف ليها، فهي في الحقيقة لله لا لكم قال في التسهيل: يعني أن الأموال التي بأيديكم إنماهي أموال الله لأنه خلقها، ولكنه متَّعكم بها وجعلكم خلفاء بالتصرف فيها، فأنتم فيها بمنزلة الوكلاء فلا تمنعوها من الإِنفاق فيما أمركم مالكها أن تنفقوها فيه، والمقصود التحريضُ على
نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 3 صفحه : 303