نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 3 صفحه : 278
نعم الله التي لا تحصى تكذبان؟ {مَرَجَ البحرين يَلْتَقِيَانِ} أي أرسل البحر الملح والبحر العذب يتجاوران يلتقيان ولا يمتزجان {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ} أي بينهما حاجزٌ من قدرة الله تعالى لا يطغى أحدهما على الآخر بالممازجة قال ابن كثير: والمراد بالبحرين: الملح والحلو، فالملح هذه البحار، والحلو هذه الأنهار السارحة بين الناس، وجعل الله بينهما برزخاً وهو الحاجز من الأرض لئلا يبغي هذا على هذا فيفسد كل واحد منهما الآخر {فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} أي فبأي نعم الله تكذبان؟ {يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ} أي يُخرج لكم من الماء اللؤلؤ والمرجان، كما يخرج من التراب الحب والعصف والريحان، قال الألوسي: واللؤلؤ صغار الدُر، والمرجان كباره قاله ابن عباس، وعن ابن مسعود أن المرجان الخرز الأحمر، والآية بيانٌ لعاجئب صنع الله حيث يخرج من الماء الملح أنواع الحلية كالدر والياقوت والمرجان، فسبحان الواحد المنَّان {فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} أي فبأي نعمة من نعم الله تكذبان؟ {وَلَهُ الجوار المنشئات فِي البحر كالأعلام} أي وله جل وعلا السفن المرفوعات الجارياتُ في البحر كالجبال في العظم والضخامة قال القرطبي: {كالأعلام} أي كالجبال، والعلمُ الجبل الطويل، فالسفن في البحر كالجبال في البر، ووج الامتنان بها أن الله تعالى سيَّر هذه السفن الضخمة التي تشبه الجبال على وجه الماء، وهو جسم لطيف مائع يحمل فوقه هذه السفن الكبار المحمَّلة بالأرزاق والمكاسب والمتاجر من قطر إلى قطر، ومن إقليم إِلى إقليم قال شيخ زاده: واعلم أن أصول الأشياء أربعة: الترابُ، والماءُ والهواءُ، والنارُ، فبيَّن تعالى بقوله {خَلَقَ الإنسان مِن صَلْصَالٍ} أن التراب أصلٌ لمخلوق شريف مكرَّم، وبيَّن قوله {وَخَلَقَ الجآن مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ} أن النار أيضاً أصلٌ لمخلوق آخر عجيب الشأن، وبيَّن بقوله {يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ} أن الماء أيضاً أصل لمخلوق له قدرٌ وقيمة، ثم ذكر أن الهواء له تأثير عظيم في جري السفن المشابهة للجبال فقال {وَلَهُ الجوار المنشئات فِي البحر كالأعلام} وخصَّ السفن بالذكر لأن جريها في البحر لا صنع للبشر فيه، هم معترفون بذلك حيث يقولون: «لك الفُلك ولك المُلك» وإِذا خافوا الغرق دعوا الله تعالى خاصة
{مُخْلِصِينَ لَهُ الدين فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البر إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: 65] {فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} أي فبأي نعمةٍ من نعم الله تكذبان؟ {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} أي كل من على وجه الأرض من الإِنان والحيوان هالك وسيموت {ويبقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجلال والإكرام} أي ويبقى ذات الله والواحد الأحد، ذو العظمة والكبرياء والإِنعام والإِكرام كقوله {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [القصص: 88] قال ابن عباس: الوجهُ عبارة عن الله جل وعلا الباقي الدائم قال القرطبي: ووجه النعمة في فناء الخلق التسويةُ بينهم في الموت ومع الموت تستوي الأقدام، والموتُ سبب النقلة من دار الفناء إِلى دار الثواب والجزاء {فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} أي فبأي نعمةٍ من نعم الله تكذبان {يَسْأَلُهُ مَن فِي السماوات والأرض} أي يفتقر إِليه تعالى كمن السموات والأرض، ويطلبون منه العون والرزق بلسان المقال أو بلسان الحال {كُلَّ
نام کتاب : صفوة التفاسير نویسنده : الصابوني، محمد علي جلد : 3 صفحه : 278