نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 567
خصم، يَصْلحُ للواحد والاثنين والجماعة والذكر والأنثى، تقول، هذا خصم، وهي خصم، وهما خصم، وهم خصم وإنما يصلح لجميع ذلك لأنه مصدر، تقول: خصمته أخصمه خصما. والمحراب ها هنا كالغُرفة، قال الشاعر:
ربَّةُ مِحْرابٍ إِذا جِئْتُها ... لَمْ ألْقَها أَوْ أرَتَقي سُلَّماً «1»
و «تسوّروا» يدل على علوّ. قال المفسرون: كانا مَلَكين، وقيل: هما جبريل وميكائيل عليهما السلام أتياه لينبِّهاه على التوبة وإنما قال: «تسوَّروا» وهما اثنان، لأن معنى الجمع ضمُّ شيء إلى شيء، والاثنان فما فوقهما جماعة.
قوله تعالى: إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ قال الفراء: يجوز أن يكون معنى «تسوَّرُوا» : دَخَلوا، فيكون تكراراً ويجوز أن يكون «إذ» بمعنى «لمّا» ، فيكون المعنى: إذ تسوَّروا المحراب لمّا دَخَلوا، ولمّا تسوَّروا إِذ دخلوا. قوله تعالى: فَفَزِعَ مِنْهُمْ وذلك أنهما أتيا على غير صفة مجيء الخُصوم، وفي غير وقت الحُكومة، ودخلا تَسَوُّراً من غير إذن [2] . وقال أبو الأحوص: دَخَلا عليه وكُلُّ واحد منهما آخذ برأس صاحبه. وخَصْمانِ مرفوع بإضمار «نَحْنُ» ، قال ابن الأنباري: المعنى: نحن كخصمين، ومِثْلُ خصمين، فسقطت الكاف، وقام الخصمان مقامهما، كما تقول العرب: عبد الله القمرُ حُسْناً، وهم يريدون: مِثْل القمر، قالت هند بنت عتبة ترثي أباها وعمَّها:
مَنْ حَسَّ لِي الأخوين كالغصنين ... أو من راهما
أسدين في غيل يحيد القوم ... عن عرواهما
صقرين لا يتذلّلان ... ولا يُباحُ حِماهُما
رُمْحَيْنِ خَطِّيِّيْنِ في ... كَبِدِ السَّماءِ تَراهُما
أرادت: مِثْل أسدين، ومثل صقرين، فأسقطت مِثْلاً وأقامت الذي بعده مقامه. ثم صرف الله عزّ وجلّ النون والألف في «بَعْضُنا» إلى «نحن» المضمر، كما تقول العرب: نحن قوم شَرُف أبونا، ونحن قوم شَرُف أبوهم، والمعنى واحد. والحق ها هنا: العدل. وَلا تُشْطِطْ أي: لا تَجُرْ، يقال: شَطَّ وأَشَطَّ: إذا جار. وقرأ ابن أبي عبلة: «ولا تَشْطُطْ» بفتح التاء وضم الطاء قال الفرّاء: بعض العرب يقول: شَطَطْتَ عليَّ في السَّوْم، وأكثر الكلام «أشططتَ» بالألف، وشَطَّت الدّارُ: تباعدتْ. قوله تعالى:
وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ أي: إلى قَصْد الطَّريق والمعنى: احْمِلْنا على الحق. فقال داوُد: تَكَلَّما، فقال أحدُهما: إِنَّ هذا أَخِي قال ابن الأنباري: المعنى: قال أحد الخصمين اللَّذين شُبِّه المَلَكان بهما:
إنَّ هذا أخي، فأضمر القول لوضوح معناه لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً قال الزجاج: كُني عن المرأة بالنَّعْجة.
(1) البيت لوضاح اليمن كما في «الأغاني» 6/ 237 و «اللسان» - حرب- وقد سبق البيت في «الجزء الأول» . [2] قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» 4/ 38: وقوله: فَفَزِعَ مِنْهُمْ، إنما كان ذلك لأنه كان في محرابه، وهو أشرف مكان في داره، وكان قد أمر ألا يدخل عليه أحد ذلك اليوم، فلم يشعر إلا بشخصين قد تسوّرا عليه المحراب، أي: احتاطا به يسألانه عن شأنهما. وقوله وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ أي: غلبني. يقال: عزّ يعزّ:
إذا قهر وغلب. وقوله: وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ، قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أي اختبرناه.
وقوله وَخَرَّ راكِعاً أي: ساجدا وَأَنابَ يحتمل أنه ركع أولا، ثم سجد بعد ذلك.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 567