نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 500
قوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني مشركي مكَّة لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ يعنون التوراة والإِنجيل، وذلك أن مؤمني أهل الكتاب قالوا: إِنّ صفة محمد في كتابنا، فكفر أهلُ مكَّة بكتابهم. ثم أخبر عن حالهم في القيامة فقال: وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ يعني مشركي مكة مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ في الآخرة يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ أي: يَرُدُّ بعضُهم على بعض في الجدال واللَّوم يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا وهم الأتباع لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا وهم الأشراف والقادة: لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ أي: مصدِّقين بتوحيد الله والمعنى: أنتم منعتمونا عن الإِيمان فأجابهم المتبوعون فقالوا: أنحن صددنكم عن الهُدى أي: منعناكم عن الإِيمان بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ به الرسول؟ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ بترك الإِيمان- وفي هذا تنبيه للكفار على أن طاعة بعضهم لبعض في الدنيا تصير سبباً للعداوة في الآخرة- فردَّ عليهم الأتباع فقالوا: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أي: بل مكرُكم بنا في الليل والنهار.
قال الفراء: وهذا ممَّا تتوسع فيه العرب لوضوح معناه، كما يقولون: ليله قائم، ونهاره صائم، فتضيف الفعل إِلى غير الآدميين، والمعنى لهم. وقال الأخفش: وهذا كقوله تعالى: مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ [1] ، قال جرير:
لقد لُمْتِنا يا أمَّ غَيلانَ في السُّرى ... ونمتِ وَما ليلُ المطيِّ بِنائمِ «2»
وقرأ سعيد بن جبير، وأبو الجوزاء، وعاصم الجحدري: «بل مَكَرَ» بفتح الكاف والراء «الليلُ والنهارُ» برفعهما. وقرأ ابن يعمر: «بل مَكْرُ» باسكان الكاف ورفع الراء وتنوينها، «الليلَ والنهارَ» بنصبهما.
قوله تعالى: إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وذلك أنهم كانوا يقولون لهم: إِنَّ دِيننا حقّ ومحمد كذّاب، وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ وقد سبق بيانه في يونس [3] .
قوله تعالى: وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا إِذا دخلوا جهنم غُلَّت أيديهم إِلى أعناقهم، وقالت لهم خزنة جهنم: هل تجزون إلا ما كنتم تعملون في الدنيا. قال أبو عبيدة: مجاز «هل» ها هنا مجاز الإِيجاب، وليس باستفهام والمعنى: ما تُجزَون إلّا ما كنتم تعملون.