نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 488
فرجع آدم فوجد ابنه قد قتل أخاه، فذلك حيث يقول الله عزّ وجلّ: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ إِلى قوله:
وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ وهو ابن آدم، فما قام بها.
وحكى ابن قتيبة عن بعض المفسرين أن آدم لمّا حضرته الوفاة قال: يا ربِّ، من أستخلف من بعدي؟ فقيل له: اعرض خلافتك على جميع الخلق، فعرضها، فكلٌّ أباها غير ولده. وللمفسرين في المراد بعَرْض الأمانة على السّموات والأرض قولان: أحدهما: أن الله تعالى ركَّب العقل في هذه الأعيان، وأفهمهنَّ خطابه، وأنطقهنَّ بالجواب حين عرضها عليهنَّ، ولم يُرد بقوله: «أبَيْنَ» المخالَفَة، ولكنْ أَبَيْنَ للخَشية والمخافة، لأن العَرْض كان تخييراً لا إِلزاماً، و «أشفقن» بمعنى خِفْنَ منها أن لا يؤدِّينَها فيلحقهنَّ العقاب، هذا قول الأكثرين. والثاني: أن المراد بالآية: إنّا عرضنا الأمانة على أهل السّموات وأهل الأرض وأهل الجبال من الملائكة، قاله الحسن.
وفي المراد بالإِنسان أربعة أقوال: أحدها: آدم في قول الجمهور. والثاني: قابيل في قول السدي. والثالث: الكافر والمنافق، قاله الحسن. والرابع: جميع الناس، قاله ثعلب.
قوله تعالى: إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا فيه ثلاثة أقوال: أحدها: ظَلوماً لنفسه، غِرّاً بأمر ربِّه، قاله ابن عباس، والضحاك. والثاني: ظَلوماً لنفسه، جَهولاً بعاقبة أمره، قاله مجاهد. والثالث: ظَلوماً بمعصية ربِّه، جَهولاً بعقاب الأمانة، قاله ابن السائب.
وذكر الزجاج في الآية وجهاً يخالف أكثر الأقوال، وذكر أنَّه موافق للتفسير فقال: إِن الله تعالى ائتمن بني آدم على ما افترضه عليهم من طاعته، وائتمن السّموات والأرض والجبال على طاعته والخضوع له، فأمّا السموات والأرض فقالتا: أَتَيْنا طائِعِينَ [1] وأعلَمنا أن من الحجارة ما يَهْبِط من خَشية الله، وأن الشمس والقمر والنجوم والجبال والملائكة يسجُدون لله، فعرَّفنا اللهُ تعالى أنَّ السموات والأرض لم تحتمل الأمانة، لأنها أدَّتها، وأداؤها: طاعة الله وترك معصيته، وكلُّ من خان الأمانة فقد احتملها، وكذلك كلُّ من أثم فقد احتمل الإِثم، وكذلك قال الحسن: «وحملها الإِنسان» أي: الكافر والمنافق حَمَلاها، أي: خانا ولم يُطيعا فأمّا من أطاع، فلا يقال: كان ظلوماً جهولاً.
قوله تعالى: لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ قال ابن قتيبة: المعنى: عَرَضْنا ذلك ليظهر نفاقُ المنافق وشِرك المشرك فيعذِّبهم الله، ويظهر إيمان المؤمنين فيتوب الله عليهم، أي: يعود عليهم بالرحمة والمغفرة إِن وقع منهم تقصير في الطاعات. [1] فصلت: 11.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 488