نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 402
وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ سؤال توبيخ وتقريع عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ من الكذب على الله عزّ وجلّ وقال مقاتل: عن قولهم نحن الكفلاء بكل تبعة تصيبكم من الله تعالى.
[سورة العنكبوت (29) : الآيات 14 الى 15]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاما فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ (14) فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ (15)
قوله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ وفي هذه القصة تسلية للنبيّ صلى الله عليه وسلّم حيث أُعلم أن الأنبياء قد ابتُلوا قبلَه، وفيها وعيد شديد لمن أقام على الشّرك. فانهم وإِن أُمهلوا، فقد أُمهل قوم نوح أكثر ثم أُخذوا. قوله تعالى: فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً اختلفوا في عُمُر نوح على خمسة أقوال [1] .
أحدها: بُعث بعد أربعين سنة، وعاش في قومه ألف سنة إِلا خمسين عاماً يدعوهم، وعاش بعد الطوفان ستين سنة، رواه يوسف بن مهران عن ابن عباس [2] . والثاني: أنَّه لبث فيهم ألف سنة إِلا خمسين عاماً، وعاش بعد ذلك سبعين عاماً، فكان مبلغ عُمُره ألف سنة وعشرين سنة، قاله كعب الأحبار. والثالث:
أنهُ بعث وهو ابن خمسين وثلاثمائة، فلبث فيهم ألف سنة إِلا خمسين عاماً، ثم عاش بعد ذلك خمسين وثلاثمائة، قاله عون بن أبي شداد. والرابع: أنَّه لبث فيهم قبل أن يدعوهم ثلاثمائة سنة، ودعاهم ثلاثمائة سنة ولبث بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين سنة، قاله قتادة. وقال وهب بن منبِّه: بُعث لخمسين سنة. والخامس: أنَّ هذه الآية بيَّنت مقدار عُمُره كلِّه، حكاه الماوردي. فإن قيل: ما فائدة قوله تعالى:
«إِلَّا خَمْسِينَ عاماً» ، فهلاَّ قال: تسعمائة وخمسين؟ فالجواب: أنَّ المراد به تكثير العدد، وذِكْر الألف أفخم في اللفظ، وأعظم للعدد. وقال الزجاج: تأويل الاستثناء في كلام العرب: التوكيد، تقول:
جاءني إِخوتك إِلا زيداً، فتؤكِّد أَنَّ الجماعة جاءوا، وتنقص زيداً. واستثناء نصف الشيء قبيح جداً لا تتكلّم به العرب، وإنما يتكلّم بالاستثناء كما يتكلّم بالنقصان، تقول: عندي درهم ينقُص قيراطاً، فلو قلت: ينقُص نصفه، كان الأَولى أن تقول: عندي نصف درهم، ولم يأت الاستثناء في كلام العرب إِلاَّ قليل من كثير. قوله تعالى: فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: الموت.
(1090) روت عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم في قوله تعالى: فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ قال: «الموت» .
والثاني: المطر، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة. قال ابن قتيبة: هو المطر الشديد. والثالث:
الغرق، قاله الضحاك. قال الزجاج: الطُّوفان من كل شيء: ما كان كثيراً مطيفاً بالجماعة كلِّها، فالغرق
ضعيف جدا. أخرجه الطبري 15005، و 15009 من حديث عائشة، وإسناده ضعيف جدا فيه يحيى بن يمان عن منهال بن خليفة عن حجاج بن أرطأة، وثلاثتهم ضعفاء. وزاد نسبته في «الدر» 3/ 203 إلى ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه. وأخرجه الطبري من طرق متعددة عن مجاهد قوله، وهو الصواب.
يلاحظ أن المصنف ذكر هذا الخبر عند هذه الآية، وهو وهم، لإجماعهم أن المراد بالطوفان هاهنا الغرق، وإنما أخرجه الطبري وغيره في سياق قصة موسى مع ذكر الآيات الأخر- منها الجراد والقمل وغير ذلك. [1] قال ابن كثير في «تفسيره» 3/ 502- 503: وظاهر سياق الآية أنه مكث في قومه يدعوهم إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاما، وقول عون بن أبي شداد رواه ابن أبي حاتم وابن جرير. وهذا قول غريب. [2] هذا القول متلقى عن أهل الكتاب، فما ورد في القرآن هو الذي يجب التصديق به.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 402