نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 383
فِي الْبُقْعَةِ وهي القطعة من الأرض الْمُبارَكَةِ بتكليم الله موسى فيها مِنَ الشَّجَرَةِ أي: من ناحيتها.
وفي تلك الشجرة قولان: أحدهما: أنها شجرة العنَّاب، قاله ابن عباس. والثاني: عوسجة، قاله قتادة، وابن السائب، ومقاتل. وما بعد هذا قد سبق بيانه [1] إلى قوله تعالى: إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ أي: من أن ينالك مكروه.
قوله تعالى: اسْلُكْ يَدَكَ أي: أَدْخِلها، وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ قد فسرنا الجناح في طه [2] إِلا ان بعض المفسرين خالف بين تفسير اللفظين، فشرحناه. وقال ابن زيد: جناحه: الذّراع والعضد والكفّ. وقال الزّجّاج: الجناح ها هنا: العضُد، ويقال لليد كلِّها: جناح. وحكى ابن الأنباري عن الفرّاء أنه قال: الجناح: العصا. قال ابن الأنباري: الجناح للانسان مشبَّه بالجناح للطائر، ففي حال تُشبَِّه العربُ رِجْلي الإِنسان بجناحَي الطائر، فيقولون: قد مضى فلان طائرا في حاجته، يعنون ساعياً على قدميه، وفي حال يجعلون العضد منه بمنزلة جناحي الطائر، كقوله: «واضمُمْ يدك إِلى جناحك» ، وفي حال يجعلون العصا بمنزلة الجناح، لأن الإِنسان يدفع بها عن نفسه كدفع الطائر عن نفسه بجناحه، كقوله تعالى: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ، وإِنما يوقع الجناح على هذه الأشياء تشبيهاً واستعارة، كما يقال: قد قُصَّ جناح الإِنسان، وقد قُطعت يده ورجله: إِذا وقعت به جائحة أبطلت تصرُّفه ويقول الرجل للرجل: أنت يدي ورِجْلي، أي: أنت مَنْ به أُصِلُ إِلى محابِّي، قال جرير:
سَأَشْكُرُ أَنْ رَدَدْتَ إِليَّ رِيشي ... وأَنْبَتَّ القَوادمَ في جَناحِي
وقالت امرأة من العرب ترثي زوجها الأغرّ:
يا عِصمتي في النَّائبات ويا ... رُكْني الأغرّ ويا يَدي اليمنى
لا صُنْتُ وجهاً كنتُ صَائنه ... أبداً ووجهك في الثّرى يبلى
وأما الرَّهَب، فقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: «مِنَ الرَّهَب» بفتح الراء والهاء. وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: «من الرُّهْب» بضم الراء وسكون الهاء. وقرأ حفص وأبان عن عاصم:
«من الرَّهْب» بفتح الراء وسكون الهاء. وهي قراءة ابن مسعود، وابن السميفع. وقرأ أُبيّ بن كعب، والحسن، وقتادة: بضم الراء والهاء. قال الزجاج: الرُّهْب، والرَّهَب بمعنى واحد، مثل الرُّشْد، والرَّشَد. وقال أبو عبيدة: الرُّهْب والرَّهْبة بمعنى الخوف والفَرَق. وقال ابن الأنباري: الرَّهْبُ، والرُّهُب، والرَّهَب، مثل الشَّغْل، والشُّغْل، والشَّغَل، والبَخْل، والبُخُل، والبَخَل، وتلك لغات ترجع إلى معنى الخوف والفَرَق.
وللمفسرين في معنى هذه الآية ثلاثة أقوال: أحدها: أنَّه لمَّا هرب من الحيّة أمره الله تعالى أن يضمّ إليه جناحه ليذهب عنه الفزغ. قال ابن عباس: المعنى: اضمم يدك إِلى صدرك من الخوف ولا خوف عليك. وقال مجاهد: كلٌّ مَنْ فَزِع فضَمَّ جناحه إِليه ذهب عنه الفَزَع. والثاني: أنَّه لمَّا هاله بياض يده وشعاعها، أُمِر أن يُدْخِلها في جيبه، فعادت إلى حالتها الأولى. والثالث: أن معنى الكلام: سَكِّن رَوْعَك، وثَبِّت جأْشَك. قال أبو علي: ليس يراد به الضَّمُّ بين الشيئين، إِنما أُمِر بالعزم على ما أُمِر به [1] النمل: 10. [2] طه: 22.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 383