نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 355
أظْهِر هاتين الآيتين في تسع آيات. و «في» بمعنى «مِنْ» ، فتأويله: مِنْ تسع آيات تقول: خذ لي عشراً من الإِبل فيها فحلان، أي: منها فحلان. وقد شرحنا الآيات في بني إِسرائيل [1] . قوله تعالى: إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ أي: مٌرْسَلاً إِلى فرعون وقَومِه، فحذف ذلك لأنه معروف. فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً أي:
بيّنة واضحة، وهو كقوله تعالى: وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً [2] وقد شرحناه.
قوله تعالى: قالُوا هذا أي: هذا الذي نراه عِياناً سِحْرٌ مُبِينٌ. وَجَحَدُوا بِها أي: أنكروها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ أنّها مِنْ عند الله، ظُلْماً أي: شركا وعلوّا أي: تكبّرا. وقال الزجاج: المعنى:
وجحدوا بها ظُلماً وعُلُوّاً، أي: ترفُّعاً عن أن يؤمِنوا بما جاء به موسى وهم يعلمون أنها من عند الله.
[سورة النمل (27) : الآيات 15 الى 19]
وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ (19)
قوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً قال المفسرون: عِلْماً بالقضاء وبكلام الطير والدواب وتسبيح الجبال وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا بالنبوَّة والكتاب وإِلانة الحديد وتسخير الشياطين والجن والإِنس عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ قال مقاتل: كان داود أشد تعبُّداً من سليمان، وكان سليمان أعظمَ مُلْكاً منه وأفطن.
قوله تعالى: وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ أي: ورث نبوَّته وعِلْمه ومُلْكه، وكان لداود تسعة عشر ذكراً، فخصّ سليمان بذلك، ولو كانت وراثة مال لكان جميع أولاده فيها سواء [3] .
قوله تعالى: وَقالَ يعني سليمان لبني إِسرائيل يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ قرأ أُبيُّ بن كعب: «عَلَمْنا» بفتح العين واللام. قال الفراء: «مَنْطِقَ الطَّير» : كلام الطَّير كالمنطق إِذا فُهم، قال الشاعر:
عَجِبْتُ لها أَنَّى يَكُونُ غِناؤها ... فَصيحاً ولم تَفْغَرْ بمَنْطِقها فَمَا «4»
ومعنى الآية: فهمنا ما تقول الطَّير. قال قتادة: والنمل من الطَّير. وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قال الزجاج: أي: من كل شىء يجوز أن يؤتاه الأنبياء والناس. وقال مقاتل: أُعطينا المُلك والنبوَّة والكتاب والرِّياح ومَنْطِق الطَّير، وسخِّرت لنا الجنُّ والشياطين. وروى جعفر بن محمد عن أبيه، قال: أعطي [1] الإسراء: 108. [2] الإسراء: 59. [3] هذا القول لا حجة فيه، وهو قول الكلبي كما في «تفسير القرطبي» 13/ 149، والكلبي كذاب متروك.
- وانظر الكلام على توريث الأنبياء في سورة مريم: 7.
(4) البيت لحميد بن ثور يصف حمامة، كما في «اللسان» فغر، فغر فاه: فتحه، ويعني بالمنطق: بكاؤه.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 355