نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 347
إِلى مَدْيَن، وهو من نسل مَدْيَن، فلذلك قال هناك: أخوهم، هذا قول مقاتل بن سليمان. وقد ذكرنا في سورة (هود) [1] عن محمد بن كعب القرظي، أن أهل مَدْين عذِّبوا بعذاب الظُّلَّة، فإن كانوا غير أصحاب الأيكة كما زعم مقاتل، فقد تساوَوا في العذاب، وإِن كان أصحاب مَدْين هم أصحاب الأيكة، وهو مذهب ابن جرير الطبري كان حذف ذكر الأخ تخفيفا، والله أعلم.
[سورة الشعراء (26) : الآيات 181 الى 184]
أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (184)
قوله تعالى: وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ أي: من الناقِصِين للكَيْل، يقال: أخسرتُ الكَيْل والوزن:
إِذا نقصته. وقد ذكرنا القسطاس في (بني إِسرائيل) [2] .
قوله تعالى: وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ أي: وخَلَق الجِبِلَّة. وقيل: المعنى: واذكروا ما نزل بالجِبِلَّة الْأَوَّلِينَ. وقرأ الحسن، وأبو مجلز، وأبو رجاء، وابن يعمر، وابن أبي عبلة: «الجبلّة» برفع الجيم والباء جميعاً مشددة اللام. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، والضحاك، وعاصم الجحدري: بكسر الجيم وتسكين الباء وتخفيف اللام. قال ابن قتيبة: الجِبِلَّة: الخَلْق، يقال: جُبِل فلان على كذا، أي:
خُلق، قال الشاعر:
والموتُ أعظم حادث ... ممّا يمرّ على الجبلّه
[سورة الشعراء (26) : الآيات 185 الى 191]
قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (185) وَما أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (186) فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (187) قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (188) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189)
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (190) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (191)
قوله تعالى: فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً قال ابن قتيبة: أي قطعةً مِنَ السَّماءِ، و «كِسَفٌ» جمع «كِسْفَة» ، كما يقال: قِطَعٌ وقِطْعَة.
قوله تعالى: رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ أي: من نقصان الكيل والميزان والمعنى: إِنه يُجازيكم إِن شاء، وليس عذابكم بيدي، فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ قال المفسرون: بعث الله عليهم حرّاً شديداً، فأخذ بأنفاسهم، فخرجوا من البيوت هرباً إِلى البرِّيَّة، فبعث الله عليهم سحابة أظلَّتهم من الشمس، فوجدوا لها برداً، ونادى بعضهم بعضاً، حتى إِذا اجتمعوا تحتها، أرسل الله عليهم ناراً، فكان ذلك من أعظم العذاب، فالظّلّة: السّحابة التي أظلّتهم.