نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 341
قوله تعالى: هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ والمعنى: هل يَسمعون دعاءكم. وقرأ سعيد بن جبير وابن يعمر وعاصم الجحدري: «هل يُسْمِعونكم» بضم الياء وكسر الميم، إِذْ تَدْعُونَ قال الزجاج: إِن شئت بيَّنت الذال، وإِن شئت أدغمتها في التاء وهو أجود في العربية لقرب الذال من التاء. قوله تعالى: أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أي: إِن عبدتموهم أَوْ يَضُرُّونَ إِن لم تعبدوهم؟ فأخبروا عن تقليد آبائهم. قوله تعالى:
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي فيه وجهان: أحدهما: أن لفظه لفظ الواحد والمراد به الجميع فالمعنى: فانهم أعداءٌ لي. والثاني: فان كلَّ معبود لكم عدوٌّ لي. فان قيل: ما وجه وصف الجماد بالعداوة؟ فالجواب: من وجهين. أحدهما: أن معناه: فانهم عدوٌّ لي يوم القيامة إِن عبدتُهم. والثاني: أنه من المقلوب والمعنى: فإنِّي عدوٌّ لهم، لأن مَنْ عاديتَه عاداكَ، قاله ابن قتيبة. وفي قوله تعالى: إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ قولان: أحدهما: أنه استثناء من الجنس، لأنه عَلِم أنهم كانوا يعبُدون الله مع آلهتهم، قاله ابن زيد.
والثاني: أنه من غير الجنس فالمعنى: ولكنّ ربّ العالمين ليس كذلك، قاله أكثر النحويين.
قوله تعالى: الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ أي: إِلى الرّشد، لا ما تعبُدون وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ أي هو رازقي الطعام والشراب.
فإن قيل: لم قال: «مرضتُ» ، ولم يقل: «أمرضَني» ؟ فالجواب: أنه أراد الثناء على ربّه فأضاف إِليه الخير المحض، لأنه لو قال: «أمرضَني» لعدَّ قومُه ذلك عيباً، فاستعمل حُسن الأدب ونظيره قصة الخضر حين قال في العيب: «فأردت» [1] ، وفي الخير المحض: «فأراد ربّك» [2] .
فإن قيل: فهذا يردُّه قوله: وَالَّذِي يُمِيتُنِي. فالجواب: أن القوم كانوا لا يُنكرون الموت، وإِنما يجعلون له سبباً سوى تقدير الله عزّ وجلّ، فأضافه إبراهيم إلى الله تعالى، وقوله تعالى: ثُمَّ يُحْيِينِ يعني للبعث، وهو أمرٌ لا يُقِرُّون به، وإِنما قاله استدلالاً عليهم والمعنى: أن ما وافقتموني عليه موجب لِصِحَّة قولي فيما خالفتموني فيه. قوله تعالى: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يعني: ما يجري على مِثْلِي من الزَّلل والمفسرون يقولون: إِنما عنى الكلمات الثلاث التي ذكرناها في الأنبياء [3] ، يَوْمَ الدِّينِ يعني:
يوم الحشر والحساب وهذا احتجاج على قومه أنه لا تصلحُ الإِلهية إلّا لمن فعل هذه الأفعال.