نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 30
إذا كنت عزهاة عن اللهو والصّبا ... فكن حجرا من يابس الصّخر جامدا «1»
معناه: فتصوَّر نفسك حَجَراً، وهؤلاء قوم اعترفوا أن الله خالقهم، وجحدوا البعث، فأُعلموا أن الذي ابتدأ خلقهم هو الذي يحييهم.
قوله تعالى: فَسَيُنْغِضُونَ قال قتادة: يحرِّكونها تكذيباً واستهزاءً. قال الفراء: يقال: أنغض رأسه: إِذا حركه إِلى فوق وإِلى أسفل. وقال ابن قتيبة: المعنى يحرِّكونها كما يحرِّك الآيس من الشيء والمستبعدُ له رأسه، يقال: نغضت سِنُّه: إِذا تحركت.
قوله تعالى: وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ يعنون البعث قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً أي: هو قريب. ثم بيَّن متى يكون فقال: يَوْمَ يَدْعُوكُمْ يعني: من القبور بالنداء الذي يُسمعكم، وهو النفخة الأخيرة فَتَسْتَجِيبُونَ أي: تجيبون. قال مقاتل: يقوم إِسرافيل على صخرة بيت المقدس يدعو أهل القبور في قرن. فيقول: أيتها العظام البالية، وأيتها اللحوم المتمزقة، وأيتها الشعور المتفرقة، وأيتها العروق المتقطعة، اخرجوا إِلى فصل القضاء لتُجزَوا بأعمالكم، فيسمعون الصوت، فيسعَون إِليه. وفي معنى بِحَمْدِهِ أربعة أقوال [2] : أحدها: بأمره، قاله ابن عباس وابن جريج وابن زيد. والثاني: يخرجون من القبور وهم يقولون: سبحانك وبحمدك، قاله سعيد بن جبير. والثالث: أن معنى بِحَمْدِهِ: بمعرفته وطاعته، قاله قتادة، قال الزجاج: تستجيبون مُقرِّين أنه خالِقكم. والرابع: تجيبون بحمد الله لا بحمد أنفسكم، ذكره الماوردي.
قوله تعالى: وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا في هذا الظن قولان: أحدهما: أنه بمعنى اليقين.
والثاني: أنه على أصله. وأين يظنون أنهم لبثوا قليلاً؟ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: بين النفختين ومقداره أربعون سنة، ينقطع في ذلك العذاب عنهم، فيرون لبثهم في زمان الراحة قليلاً، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: في الدنيا، لعلمهم بطول اللبث في الآخرة، قاله الحسن. والثالث: في القبور، قاله مقاتل. فعلى هذا إِنما قصر اللبث في القبور عندهم، لأنهم خرجوا إِلى ما هو أعظم عذاباً من عذاب القبور. وقد ذهب بعض المفسرين إِلى أن هذه الآية خطاب للمؤمنين، لأنهم يجيبون المنادي يحمدون الله على إِحسانه إِليهم، ويستقلُّون مدة اللبث في القبور، لأنهم كانوا غير معذَّبين.
[سورة الإسراء (17) : آية 53]
وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً (53)
قوله تعالى: وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ في سبب نزولها قولان:
(897) أحدهما: أن المشركين كانوا يؤذون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم بمكّة، بالقول والفعل،
باطل. ذكره الواحدي 578 في «أسباب النزول» عن الكلبي بدون إسناد مختصرا، والكلبي يضع الحديث.
وعزاه المصنف لأبي صالح عن ابن عباس، وهو باطل، فقد أقر الكلبي وأبو صالح بالكذب على ابن عباس.
(1) في «اللسان» العزهاة: هو الذي لا يقرب النساء. وفيه انقباض وإعراض. وفي رواية «اللسان» : فكن حجرا من يابس الصخر جلمدا. وصخرة جلمد: شديدة مجتمعة صلبة. [2] قال القرطبي رحمه الله في «تفسيره» 8/ 92: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: معناه: فتستجيبون لله من قبوركم بقدرته، ودعائه إياكم ولله الحمد على كل حال، كما يقول القائل: فعلت ذلك الفعل بحمد الله، يعني لله الحمد على كل ما فعلته.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 30