نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 276
أبي عبلة، وعيسى بن عمر: «الزانيةَ» بالنصب. واختاره الخليل وسيبويه والرّفع اختيار الأكثرين. قال الزجاج: والرفع أقوى في العربية، لأن معناه: من زنى فاجلدوه، فتأويله الابتداء، ويجوز النصب على معنى: اجلدوا الزانية. فأما الجَلْد، فهو ضرب الجِلْد، يقال: جَلَدَه: إِذا ضرب جِلْده، كما يقال:
بَطَنَه: إِذا ضَرَب بَطْنه. قال المفسرون: ومعنى الآية: الزانية والزاني إِذا كانا حُرّين بالغَين بِكْرَيْن، فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ.
فصل:
قال شيخنا علي بن عبيد الله: هذه الآية تقتضي وجوب الجَلْدِ على البِكْر والثَّيّب [1] .
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم في حق البِكْر زيادة على الجَلْد بتغريب عام، وفي حق الثَّيِّب زيادة على الجلد بالرجم بالحجارة.
(1021) فروى عبادة بن الصامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «البِكْر بالبِكْر جَلْدُ مائة وتغريب عامٍ، والثَّيِّب بالثَّيِّب جلد مائة ورجم بالحجارة» . وممن قال بوجوب النَّفي في حق البِكْر: أبو بكر،
تقدم في سورة النساء: عند الآية 15 و 16 وقد خرجه مسلم وغيره. [1] قال الإمام الموفق رحمه الله في «المغني» 12/ 370: الزنى حرام، وهو من الكبائر العظام وقد كان حد الزاني في صدر الإسلام الحبس للثيب، والأذى بالكلام من التقريع والتوبيخ للبكر. ثم نسخ بما روى عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلّم، وقد ذهب بعض أصحابنا بجواز نسخ القرآن بالسنة ومن منع ذلك قال: ليس هذا نسخا، وإنما هو تفسير للقرآن وتبيين له. ويمكن أن يقال إن نسخه حصل بالقرآن، فإن الجلد في كتاب الله تعالى، والرجم كان فيه، فنسخ رسمه، وبقي حكمه. وإذا زنى الحر المحصن، أو الحرة المحصنة، جلدا ورجما حتى يموتا، في إحدى الروايتين عن أبي عبد الله رحمه الله، والرواية الأخرى، يرجمان ولا يجلدان.
وفي وجوب الرجم على الزاني المحصن، رجلا كان أو امرأة قول عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من علماء الأمصار في جميع الأعصار ولا نعلم فيه مخالفا إلا الخوارج، فإنهم قالوا: الجلد للبكر والثيب، ولا يجوز ترك كتاب الله تعالى الثابت بطريق القطع واليقين بخبر الآحاد.
والرد عليهم- لقد ثبت الرجم عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بقوله وفعله، في أخبار تشبه التواتر وأجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلّم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأتها وعقلتها ووعيتها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلّم ورجمنا بعده. فأخشى إن طال بالناس زمان، أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى، فالرجم حق على من زنى إذا أحصن، من الرجال والنساء، إذا قامت البينة أو كان الحبل، أو الاعتراف وقد قرأتها: «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم» متفق عليه.
وأما الجلد فنقول بها، إن الزاني يجب جلده، فإن كان ثيبا رجم مع الجلد والآية لم تتعرض لنفيه. في إحدى الروايتين، فعل ذلك علي رضي الله عنه، وبه قال ابن عباس وأبي بن كعب وأبو ذر وفي الرواية الثانية، يرجم ولا يجلد. روي عن عمر وعثمان وابن مسعود، والنخعي، والزهري والأوزاعي ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وإذا زنى الحر البكر، جلد مائة، وغرّب عاما. ولا خلاف في وجوب الجلد على الزاني ويجب مع الجلد تغريبه عاما في قول جمهور العلماء. وقال مالك والأوزاعي: يغرّب الرجل دون المرأة، لأنها إن غرّبت بمحرم، أفضى إلى تغريب من ليس بزان، ونفي من لا ذنب له، وإن كلفت أجرته ففي ذلك زيادة على عقوبتها بما لم يرد الشرع به، ويلزم منه الزيادة على ذلك. وفوات حكمته. وفي تغريبها إغراء به، وتمكين منه. وقال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن: لا يجب التغريب وقول مالك فيما يقع لي، أصح الأقوال وأعدلها. [.....]
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 276