نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 250
قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ قال الأخفش: إِن قيل: أين المَثَل؟
فالجواب: أنه ليس ها هنا مثَل، وإِنما المعنى: يا أيها الناس ضُرب مَثَل، أي: شبّهت بي الأوثان فَاسْتَمِعُوا لهذا المثل. وتأويل الآية: جعل المشركون الأصنام شركائي فعبدوها معي فاستمِعوا حالها ثم بيَّن ذلك بقوله: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ أي: تعبدون مِنْ دُونِ اللَّهِ، وقرأ ابن عباس، وأبو رزين، وابن أبي عبلة: «يدعون» بالياء المفتوحة. وقرأ ابن السميفع، وأبو رجاء وعاصم الجحدري: «يُدْعون» بضم الياء وفتح العين، يعني: الأصنام، لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً والذباب واحد، والجمع القليل: أذِبَّة، والكثير: الذّبّان، مثل: غُراب وأَغْرِبة وغِرْبان وقيل: إنما خصّ الذّباب لمانته واستقذاره وكثرته. وَلَوِ اجْتَمَعُوا يعني: الأصنام لَهُ أي: لخَلْقِه، وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ يعني:
الأصنام. قال ابن عباس: كانوا يطلون أصنامهم بالزعفران فيجفّ، فيأتي الذباب فيختلسه. وقال ابن جريج: كانوا إِذا طيَّبوا أصنامهم عجنوا طيبهم بشيء من الحلواء، كالعسل ونحوه، فيقع عليها الذباب فيسلبها إِياه، فلا تستطيع الآلهة ولا مَنْ عبَدها أن يمنعه ذلك. وقال السدي: كانوا يجعلون للآلهة طعاماً، فيقع الذباب عليه فيأكل منه قال ثعلب: وإِنما قال: لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ فجعل أفعال الآلهة كأفعال الآدميين، إذا كانوا يعظِّمونها ويذبحون لها وتُخاطَب، كقوله: يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ [1] لمَّا خاطبهم جعلهم كالآدميين، ومثله: رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ [2] ، وقد بيَّنَّا هذا المعنى في (الأعراف) عند قوله تعالى: وَهُمْ يُخْلَقُونَ [3] . قوله تعالى: ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ فيه ثلاثة أقوال [4] : أحدها: أن الطالب: الصنم، والمطلوب: الذباب، رواه عطاء عن ابن عباس. والثاني:
الطالب: الذباب يطلب ما يسلبُه من الطيِّب الذي على الصنم، والمطلوب: الصنم يطلب الذباب منه سَلْبَ ما عليه، روي عن ابن عباس أيضاً. والثالث: الطالب: عابد الصنم يطلب التقرُّب بعبادته، والمطلوب: الصنم، هذا معنى قول الضحاك، والسدي.
قوله تعالى: ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ أي: ما عظّموه حق عظمته، إِذ جعلوا هذه الأصنام شركاء له إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ لا يُقْهَر عَزِيزٌ لا يرام.
[سورة الحج (22) : الآيات 75 الى 76]
اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (76)
قوله تعالى: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا كجبريل وميكائيل وإِسرافيل ومَلَك الموت، وَمِنَ النَّاسِ الأنبياءَ المرسلين، إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لمقالة العباد بَصِيرٌ بمن يتّخذه رسولا. [1] سورة النمل: 18. [2] سورة يوسف: 4. [3] الأعراف: 191. [4] قال الطبري رحمه الله في «تفسيره» 9/ 189: والصواب من القول في ذلك عندنا ما ذكرته عن ابن عباس من أن معناه: وعجز الطالب وهو الآلهة. أن تستنقذ من الذباب ما سلبها إياه، وهو الطيب وما أشبهه، والمطلوب: الذباب.
ووافقه ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» 3/ 296 وقال: اختاره ابن جرير وهو ظاهر السياق. [.....]
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 250